عقد رئيس الوزراء، الدكتور جعفر حسان، جلسة لمجلس الوزراء في مدينة العقبة، حيث عبّر عن تفاؤله بشأن تحسّن المؤشرات الاقتصادية في الأردن، التي تسجّل أرقامًا قياسية رغم التحديات الإقليمية. وأكد أن أولوية الحكومة الأولى هي تحقيق النمو الاقتصادي، وخفض معدلات البطالة، وتوفير فرص عمل حقيقية للأردنيين.
وعلى الرغم من التوترات الجيوسياسية، وتقلّص المساعدات الخارجية، وضغوط الميزانية العامة، وانعكاس ذلك على تراجع الفرص الاستثمارية، في ظل ركودٍ حاد يشهده نمو الاستثمار عالميًا، فإن نبرة التطمين كانت حاضرة بقوة في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في العقبة.
في حقيقة الأمر، يُعد الاستثمار المحرّك الأساسي لبناء القدرات الإنتاجية، وتمهيد الطريق للنمو واستحداث الوظائف، مما يُسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني في الأردن.
ورغم تقديري لنبرة التفاؤل التي عبّر عنها رئيس الوزراء، إلا أن معدلات البطالة والفقر ما تزال تشكّل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الأردني.
لذلك، فإن المطلوب من الحكومة الحالية ليس مجرد تدخلات اختيارية، بل تعديلات جوهرية في السياسات، تكون أكثر ارتباطًا بمبادئ العدالة الاجتماعية، تضمن توفير فرص عمل حقيقية، وتمكين الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.
في الأردن، ولا سيّما في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، تبرز الحاجة إلى تنفيذ إصلاحات محلية شاملة تستهدف رفع كفاءة المؤسسات العامة، وتطوير رأس المال البشري، وتعزيز القدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني.
ومن بين الأولويات الملحّة، ضرورة حماية حقوق المستثمرين، وضمان شفافية واستقرار القوانين والتشريعات الناظمة للبيئة الاستثمارية، بما يعزّز الثقة ويشجّع على ضخّ المزيد من الاستثمارات، لا سيّما الأجنبية منها.
ويُعد إصلاح قانون الاستثمار وضمان الاستقرار التشريعي، شرطًا أساسيًا لتحفيز المستثمرين، وخلق بيئة أعمال قائمة على الوضوح والثقة والاستدامة.
إلى جانب الإصلاحات التشريعية والهيكلية، من الضروري تعزيز التكامل بين استثمارات القطاعين العام والخاص، مع التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعات الدوائية، وخدمات التقنية (Outsourcing)، في ظل ما تمتلكه الكوادر الأردنية من مهارات قوية في مجالات البرمجة والدعم الفني، مما يتيح فرصًا حقيقية لجذب شركات أجنبية من خلال حوافز ضريبية مدروسة.
كما يُعدّ كل من قطاع السياحة العلاجية والتعليم من المجالات التي يمكن أن تساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني.
ومن المهم التأكيد على أن الاستثمار العام لا يجب أن يكون بديلًا عن الاستثمار الخاص، بل مكمّلًا له، بما يعزز من كفاءة توزيع الموارد ويوفّر بيئة أكثر جاذبية للاستثمار.
وأخيرًا، لا يمكن الحديث عن بيئة استثمارية جاذبة دون التأكيد على أهمية مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية في العطاءات الحكومية والعقود الجديدة، بما يضمن عدالة المنافسة ويُسهّل دخول مستثمرين جادّين يسهمون في تحفيز النمو الاقتصادي المستدام.