يُعدّ الأستاذ الفاضل هاشم السفاسفة (أبو قيس) – شفاه الله – إحدى القامات التربوية والوطنية والاجتماعية البارزة في محافظة الطفيلة وخارجها، وأحد أبرز مدراء المدارس من الرعيل الأول الذين تركوا بصمة واضحة في مسيرة التعليم الأردني.
فقد أمضى أكثر من (37 عامًا) في ميادين التربية والتعليم داخل الأردن وخارجه، حاملاً رسالة العلم والمعرفة بكل إخلاص واقتدار، حتى أحيل إلى التقاعد عام 2010 بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإنجاز.
ينحدر السفاسفة من عشيرة المزايدة في لواء بصيرا جنوب الطفيلة، حيث وُلد عام 1949. تلقى تعليمه الأساسي في بصيرا، وأكمل الثانوية في الطفيلة، ثم التحق بـ معهد معلمين حوارة وتخرج عام 1972، ليبدأ مسيرته المهنية في مدرسة القادسية قبل أن يتنقل بين مدارس عدة منها غرندل وبصيرا الثانوية. وفي عام 1978 أُعير إلى سلطنة عُمان، حيث أمضى خمس سنوات من العطاء التربوي، ثم عاد عام 1984 ليتولى إدارة مدرسة بصيرا الأساسية للبنين التي بقي فيها 27 عامًا، حتى تقاعده.
لم يتوقف عطاؤه عند حدود التعليم، بل واصل العمل التطوعي والاجتماعي بعد التقاعد، فشارك في الوكالة الأميركية لتنمية المجتمعات المحلية لخمس سنوات، ثم تولى إدارة العلاقات العامة في مصنع الملابس بلواء بصيرا لمدة سبع سنوات.
كما كان له حضور فاعل في العمل الخيري والشبابي؛ إذ شغل منصب رئيس جمعية بصيرا الخيرية لمدة 15 عامًا، وكان مشرفًا على مركز شباب بصيرا لنحو 20 عامًا، ونائبًا لرئيس اتحاد الجمعيات الخيرية، وعضوًا في الاتحاد العام للجمعيات لعشر سنوات، فضلًا عن إشرافه على لجنة اليانصيب الخيري بالتلفزيون الأردني لمدة ثمانية أعوام.
يُعرف الأستاذ هاشم السفاسفة بصفاته الإنسانية الرفيعة وحكمته التي جعلته مرجعًا تربويًا واجتماعيًا، يجمع بين الحزم واللين، والصرامة في الحق مع رقة المعاملة. كان أبًا ومربيًا لآلاف الطلبة الذين تتلمذوا على يديه، وأصبح كثير منهم قيادات ومسؤولين في مجالات مختلفة.
وقد عُرف عنه اهتمامه بالطلبة الفقراء واليتامى، وتعامله الإنساني مع المعلمين أصحاب الظروف الخاصة، فكان قريبًا من الجميع، يستمع إليهم ويعينهم بما يستطيع.
تميّز السفاسفة بثقافته الواسعة وفهمه العميق لدور المربي في بناء الإنسان والوطن، فكان نموذجًا للمعلم القدوة والمدير الحكيم الذي يُضرب به المثل في الانضباط والتفاني والإخلاص. شهد له زملاؤه وطلابه بأنه رجل موسوعي المعرفة، يجمع بين الخبرة الإدارية والروح التطوعية، ويُقدّر الحوار والنقاش البنّاء في إدارة شؤون مدرسته ومجتمعه.
عرفه الجميع بابتسامته الدائمة وتواضعه الجمّ ودماثة خلقه، فكان محبوبًا من زملائه وطلابه وأبناء منطقته، لا يفرّق بين الناس، ولا يخشى في الحق لومة لائم، زاهدًا بسيطًا محبًا للخير والعطاء.
ومن ثمار مسيرته، أن أبناءه ساروا على نهجه في التميز، فثلاثة منهم نالوا شهادة الدكتوراه في الهندسة من أمريكا، وواحد يخدم في القوات المسلحة برتبة نقيب، كما أن ابنته لبنى تشغل منصب مديرة أشغال بصيرا، والدكتورة جيهان مديرة الشؤون التعليمية والفنية في تربية الطفيلة، والثالثة دكتورة صيدلة في وزارة الصحة.
لقد ترك الأستاذ هاشم السفاسفة إرثًا طيبًا من القيم والمثل العليا في ميادين التعليم والعمل التطوعي، وظل مثالًا يُحتذى به في الانتماء والالتزام والإخلاص للوطن.
نسأل الله أن يمنّ عليه بالصحة والعافية، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدمه من عطاء وجهد في خدمة وطنه وأهله، وأن يبقى قدوة للأجيال القادمة من أبناء الطفيلة والأردن أجمعين.