سجلت أسعار الذهب ارتفاعا قويا في تعاملات اليوم الخميس، لتقفز بأكثر من 1% وتتداول مجددا فوق المستوى النفسي الحاسم 4,000 دولار للأونصة، وسط ترقب عالمي لاجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والقمة المرتقبة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والصيني شي جين بينغ.
أسعار الذهب المحلية و العالمية
وجاء هذا الصعود بعد أن تكبد المعدن النفيس خسائر حادة منذ بداية الأسبوع، حين تراجع إلى 3,932 دولارا للأونصة، وهو أدنى مستوى له منذ مطلع الشهر. لكن الأسعار نجحت اليوم في التعافي لتصل إلى نحو 4,017 دولارا في آخر تداول، ما يعكس عودة قوية للمشترين واستعادة الثقة في الاتجاه الصاعد للمعدن الأصفر.
ارتداد حاد بعد موجة بيع عنيفة
أظهرت بيانات السوق أن جلسة الخميس شهدت تداولات كثيفة على الذهب بعد موجة بيع عنيفة دفعت الأسعار إلى كسر حاجز 4,000 دولار في وقت سابق من الأسبوع.
ويؤكد ارتفاع اليوم أن مستوى الدعم النفسي عند هذا الحاجز ما يزال صلبا، إذ استغل المستثمرون التراجع السابق كفرصة للشراء.
وقال محللون إن "الارتداد القوي اليوم يعكس إقبالا من المؤسسات وصناديق التحوط التي رأت في الانخفاض الأخير تصحيحا مؤقتا وليس تحولا في الاتجاه العام"، مشيرين إلى أن التداول الحالي فوق 4,000 دولار يعيد الأسعار إلى المسار الصاعد الذي بدأ منذ منتصف سبتمبر الماضي.
ترقب لقرار الفيدرالي
ويربط خبراء الأسواق هذا الانتعاش بترقب المستثمرين لاجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، المقرر صدور بيانه مساء اليوم، وسط توقعات متزايدة بأن يبدأ البنك دورة جديدة من خفض أسعار الفائدة.
خفض الفائدة يعني تقليص العائد على الأصول الدولارية، ما يعزز جاذبية الذهب كملاذ استثماري بديل. ويقول محللون في "CNBC عربية" إن الأسواق تسعر بالفعل خفضا بواقع 25 نقطة أساس، بينما سيترك أي تلميح لخفض أكبر أثرا إيجابيا فوريا على أسعار الذهب.
ويضيف المحللون أن "لهجة" الفيدرالي ستكون العامل الأهم في تحديد الاتجاه قصير الأجل، إذ سيؤدي أي تلميح لتشديد السياسة النقدية إلى عودة الضغط على المعدن النفيس، في حين أن الإبقاء على لهجة حذرة سيدعم استمرار الزخم الصعودي.
القمة الأمريكية الصينية تضيف مزيدا من الغموض
وبالتوازي مع التطورات النقدية، يراقب المستثمرون عن كثب اللقاء المرتقب بين الرئيسين ترمب وشي، في محاولة جديدة لإحياء المحادثات التجارية المتعثرة بين واشنطن وبكين.
ويرى الخبراء أن الذهب يتحرك في نطاق حساس يتأثر مباشرة بنتائج تلك القمة؛ إذ إن التوصل إلى تفاهمات اقتصادية جديدة قد يدفع المستثمرين إلى الأصول عالية المخاطر ويضغط على الذهب، في حين أن أي فشل أو توتر جديد بين البلدين سيعيد الطلب على المعدن كملاذ آمن.
وقال خبير السلع في "بلومبرغ ماركتس" إن "الأسواق تعيش لحظة مفصلية تجمع بين حدثين رئيسيين في يوم واحد، ما يجعل أي تحرك في أسعار الذهب مفهوما ضمن إطار الحذر وليس المبالغة في التفاؤل أو التشاؤم".
التوقعات الفنية: دعم عند 3,930 ومقاومة عند 4,050
من الناحية الفنية، يرى متابعون أن مستوى 4,050 دولارا يشكل المقاومة الفورية التالية التي يتعين على الأسعار اختراقها لتأكيد استئناف الاتجاه الصاعد نحو 4,100 – 4,150 دولارا خلال الأيام المقبلة.
في المقابل، تبقى منطقة 3,930 – 3,950 دولارا بمثابة دعم قوي، ومن المرجح أن تظهر عندها موجات شراء جديدة في حال أي تراجع.
ويشير متداولو العقود الآجلة إلى أن ثبات الأسعار فوق 4,000 دولار خلال الإغلاق اليومي سيكون إشارة إيجابية على استمرار المسار الصاعد خلال نوفمبر المقبل.
يؤكد المحللون أن الذهب ما يزال يحتفظ بجاذبيته كأداة تحوط رئيسية في ظل الغموض الاقتصادي العالمي، والتوترات الجيوسياسية المتكررة، وتقلبات أسواق العملات.
وبينما ينتظر المستثمرون ما ستسفر عنه نتائج اجتماع الفيدرالي والقمة الأمريكية الصينية، تبدو حركة الذهب أقرب إلى "استراحة مؤقتة ضمن اتجاه صاعد طويل الأجل"، وفق ما يراه مراقبون في سوق السلع العالمية.