تابعنا و شاهدنا جولة جلالة الملك الآسيوية ،تضمنت الزيارة لخمس دول و احتوت على خمسةً و عشرين برنامجًا ملكيًا ، خلال هذهِ الزيارة كانَ يعقد اجتماعات و مباحثات لجلب الاستثمارات الى الأردن ،
جميعنا نرى صور و فيديوهات حلّه و ترحاله و لكننا لم نجلس يومًا و نحدّق متفكرين كيفَ يكون شعورهِ الداخلي ؟! كم يجلسُ ساعات يُفكّر كيفَ سيتعامل مع رؤوساء الدول المستضيفه و كيفَ سيجذبهم الى الأردن ؟! بالرغم من انهُ يحظى باهتمام و احترام كبيرين من أغلب دول العالم لكنَّ هذا لا يكفي عندما يكون همّه بلد و شعب بأكمله ،
نحنُ نرى استقبالهم لهُ ، نراهُ يرتدي البدلة السوداء البهية و ربطة العنق الحمراء التي عوّدنا عليها ، نرى علم الأردن يُزيّنَ صدره لكننا لم نرى تعبه و سهره ، لم نرى ابتعاده عن عائلته و احبابه لأيام طويلة ، هوَ بالنهاية أب يغتالهُ الحنين الى العائلة ، لم نرى حتى الكم الهائل على اعصابه عندما يحدث حدثًا سياسيًا محيطًا ، كيف سنتعامل معهُ ؟! ما هي الطريقه المُثلى ؟! و كيفَ نُحقق مصالحنا العُليا ؟! كيفَ سيبقى الآمن و الامان و كيفَ سيبقى الأردنيين آمنينَ مطمئنين ؟! ، هذهِ كًلها مسؤوليتهِ ، هذا الكم الهائل من الضغط يقع على عاتقهِ وحده ،
شارفَ و بلغَ من العمر ٦٤ عامًا ، ٦٤ عامًا لكنهُ لا زالَ يختبئ وراء ستار الابتسامه حتى لا يُظهر مدى تعبه ، بلغَ من العمر ٦٤ عامًا و لا زالَ يطلُّ علينا بعنفوان الشباب و بهاء الصبا ، بلغَ من العمر ٦٤ عامًا و لا زالَ يُعطي و يُحارب و يُحاول و يجول العالم حتى نبقى و يبقى الوطن، بالرغم أنهُ يسعى ليُطمئننا دومًا بأنهُ بخير و مُقاتلًا كما عاهدناه لكنَّ العمر اغتاله ، شيبهُ الذي غزى رأسه يتحدث ، التعب في مُحيّاه أسفل عينيه يتحدث ، السماعة في أُذنه تتحدث ، تلك الوسادة التي يضعها دائمًا على كرسيه في اللقاءات و الاجتماعات المهمة حتى لا يتألم ظهره تتحدث ، كلَّ شيءٍ يتحدث لكنهُ ابى إلا ان يبقى في عيون الأردنيين ذلك المقاتل و ذلكَ الأبن الحاني الذي نذرهُ جلالة الملك الحُسينَ الراحل طيبهُ الله ثراه للأردن و الأردنيين ،
ما أثارَ دهشتي و جعلني في حالة من التساؤلات هو عندَ عودتهِ الى أرض الوطن ذهبَ بزيارة فورية الى مصانع و مشاريع استثمارية كُبرى ، لم يكترث الى تعب السفر ، لم يكترث الى الأميال التي قطعها بالطائرة ، لم يكترث لشيء الا للأردن و الأردنيين و مصالحهم و مستقبلهم ، جاءت هذهِ الزيارة تزامنًا مع تصريحات المستثمر زياد المناصير التي قال فيها بأنهُ يتعرض لضغوطات و ابتزازات من مسؤولين لتشغيل ابنائهم و كأنَّ جلالة الملك التقطَ الرسالة و قرر بأن يذهب بنفسهِ بزيارة الى مشاريع استثمارية كُبرى بالوقت ذاته اجتمعَ رئيس الوزراء مع زياد المناصير و تباحثوا شؤون الاستثمار ، حسنًا هذا ماذا يعني ؟! يعني بأنَّ جلالة الملك على درايه بكل شيء ، كل شيء يحدث ، و ارادَ توجيه رسالة الى الحكومة مفادها
( الاستمار هو نفط الأردن كفى عبثًا و تجاوزات فردية ) ،
لم يرسل رئيس الديوان او وزير الاستثمار ، لم يطلب من رئيس الوزراء الذهاب الى تلك المشاريع ، ذهبَ بنفسه و رأى كلَّ شيء ، هذا كله ماذا يعني ؟! يعني و يُجسّد معنى كيفَ يكون المرء مقاتلاً من اجله بلده و شعبه ، يعني بأنهُ يستحق مسؤولين و أصحاب قرار يُقدرّون تعبه و سهره ، يُقدرّن تضحياتهِ بوقته و رؤية عائلتهِ ، يُقدرّون قتاله بالرغم من اغتيال العمره لهُ ،
هو يستحق الأردنيين و هم يستحقوه ، الملك و الشعب حالة حب و وفاء و عطاء و تضحيات ، حمى الله الملك و حمى الله الوطن …