في تصعيد غير مسبوق للأزمة الفنزويلية، حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نظيره نيكولاس مادورو، السبت، من أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى "خيار عسكري" إذا لم يتنح عن السلطة طواعية، مانحاً إياه مهلة 24 ساعة لمغادرة منصبه، بحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مصادر مطلعة.
وجاء هذا التحذير القاطع بعد ساعات قليلة من تصريح آخر لترامب، أعلن فيه أن المجال الجوي "فوق ومحيط" فنزويلا يجب اعتباره "مغلقًا بالكامل"، مما يشير إلى تصاعد وتيرة الضغوط الأمريكية التي وصلت إلى حافة التهديد المباشر بالعمل العسكري.
ولا يأتي هذا التهديد في فراغ، بل يتزامن مع تكثيف ملحوظ للعمليات العسكرية الأمريكية في البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ خلال الأشهر الأخيرة. وقد استهدفت هذه العمليات، التي تُجرى ضمن جهود مكافحة تهريب المخدرات، قوارب يُشتبه في تورطها في شبكات تتصل بالحكومة الفنزويلية.
وقد أسفرت هذه المواجهات، التي شاركت فيها سفن حربية وطائرات تابعة للبحرية وخفر السواحل الأمريكي، عن مقتل أكثر من 80 شخصًا منذ بداية شهر سبتمبر الماضي، مما يرسل رسالة واضحة حول استعداد واشنطن لاستخدام القوة في المنطقة.
ويرى مراقبون أن هذه العمليات العسكرية المكثفة ليست سوى جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تطويق فنزويلا وخلق بيئة من الضغط الأمني والاقتصادي قد تجبر مادورو على الرضوخ للمطالب الأمريكية.
وتُعتبر هذه التصريحات ذروة سياسة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها إدارة ترامب ضد حكومة مادورو، والتي ترفض الاعتراف بشرعية رئاسته بعد انتخابات 2018 المثيرة للجدل.
وعلى مدى سنوات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية خانقة على قطاع النفط الفنزويلي وغيره من القطاعات الحيوية، وعملت على عزل مادورو دوليًا، معترفة بزعيم المعارضة خوان غوايدو كرئيس مؤقت للبلاد.
كما تتهم واشنطن مادورو وكبار مسؤوليه بالتورط في "عمليات إرهاب دولي" وتهريب المخدرات، وهو ما يُستخدم كأحد المبررات الرئيسية للتحرك العسكري المحتمل. وقد عرضت الإدارة الأمريكية مكافآت مالية ضخمة تصل إلى ملايين الدولارات مقابل معلومات تؤدي إلى مادورو وكبار قادته.
ومن المتوقع أن يثير هذا التهديد المباشر ردود فعل دولية متباينة؛ فبينما من المرجح أن تدعمه دول أمريكية اللاتينية وحلفاء الولايات المتحدة الذين يشاركونها الرؤية تجاه مادورو، سارعت قوى مثل روسيا والصين وكوبا، الحليفة التقليدية لكاراكاس، إلى إدانة أي تدخل عسكري ووصفه بأنه "انتهاك صارخ للسيادة" و"مغامرة خطيرة".
وبينما تترقب الأنظار ردة فعل مادورو على المهلة القصيرة، تضع هذه التطورات منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي على شفير أزمة قد يكون لها تداعيات خطيرة وممتدة، ليس فقط على فنزويلا، بل على الاستقرار الأمني في نصف الكرة الغربي بأكمله.