في حياة مزدحمة بالوجوه والمهام والتفاصيل يبقى الأثر الإنساني هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن تقليده أو نسيانه فليس المهم كم ننجز أو ماذا نملك بل المهم كيف يشعر الآخرون بوجودنا وكيف نترك في قلوبهم علامة دافئة تستمر حتى بعد مغادرتنا للمكان
"اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون "
الأثر الحقيقي لا يُقاس بالكلمات الكبيرة أو الأفعال الضخمة بل يتجلى في التفاصيل الصغيرة التي تمنح الآخرين شعوراً بأنهم مرئيون ومسموعون ومقدَّرون قد تكون كلمة واحدة سبباً في تغيير يوم إنسان وقد تكون لفتة بسيطة سبباً في تخفيف همّ أو إزالة حزن فالإنسان الذي يتعامل مع الآخرين باحترام يترك أثراً لا يُنسى لأن الاحترام يعكس رقيّ النفس ويصل إلى القلوب بلا مقدمات
وكثيراً ما يكون اللطف هو الجسر الأقوى بين البشر " وليتلطف" رغم أنه لا يكلّف شيئاً الابتسامة التقدير الاعتذار عند الخطأ والعبارات الطيب كلها أفعال بسيطة تحمل قيمة كبيرة وتخلق أثراً يمتد أبعد مما نتوقع وكذلك الإنصات الصادق فهو أحد أعمق أشكال الاهتمام
حين تنصت لإنسان بإحساس حقيقي، يشعر أنه مهم وأن صوته يعني لك شيئاً وهذا وحده كافٍ لأن يبقى أثره طويلاً في دواخله.
كما أن الوقوف مع الآخرين في لحظاتهم الصعبة يظل محفوراً في ذاكرتهم مهما مر الوقت فليس ضرورياً أن نملك الحلول يكفي أن يشعروا أننا معهم فالمساندة الصادقة تبني روابط لا تهدمها الأيام ويأتي الصدق ليكمل هذا الأثر لأنه يمنح من حولنا شعوراً بالأمان والثقة وهما أغلى ما يمكن أن يقدمه الإنسان لغيره.
والجميل أن الأثر لا يحتاج إلى منصب أو قوة أو شهرة يبدأ من قلب صادق ويظهر في أبسط التعاملات اليومية في الحي في العمل في المنزل وحتى مع أشخاص نلتقيهم صدفة فالإنسان الحقيقي هو الذي يترك المكان أكثر دفئاً مما كان والقلوب أكثر طمأنينة مما كانت.
وفي النهاية يبقى أجمل ما يمكن أن يُقال عن أي إنسان
"القلوب التي نحبّها لا ترحل، هي تنتقل من مكانٍ إلى آخر داخلنا".