ان ما قام به جيش الاحتلال من اقتحام همجي عنصري يخلو من الانسانية على مقر وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الاونروا انما يزيد الجراح اتساعًا كلّما امتدت يد الاحتلال إلى قلب القدس، وتشتدّ الندوب كلّما طال العدوان موقعًا إنسانيًا يشهد للعالم بأن المدينة ما تزال تنبض بروحها وانسانيتها القدس مدينة تقرأ في تفاصيلها صدى التاريخ ووجع الحاضر، ويبقى الاعتداء على مؤسساتها الإنسانية صفحة من صفحات الانتهاكات التي تحاول طمس ملامح المدينة وسكانها. القدس تعبّر عن صوت كل من يعرف قيمة هذه المدينة، وعن موقف كل من يدرك أهمية المؤسسات التي تحفظ إنسانية أهلها. الهجوم على الأنروا جرحٌ مفتوح، غير أنّ صمود القدس وأهلها، ودعم الأردن الثابت، والإسناد الدولي المستمر، يشكلون جميعًا حائطًا يقف أمام محاولات طمس الحقيقة أو تقويض العمل الإنساني في المدينة..
ان أثر الأونروا في القدس يتجاوز حدود الخدمة المباشرة، فيشكّل وجودها ضمانة لحقوق اللاجئين، ويعكس التزام المجتمع الدولي يقضيتهم . ان أي استهداف لمقرات الامم المتحدة هو استهداف لحق الانسانية في العيش الكريم، وإضعاف لمسار إنساني يقف في وجه ضغوط الحياة المتراكمة التي سببها الاحتلال الاسرائيلي لارضهم المغتصبة وهي سابقة خطيرة في القانون الدولي الانساني وتجاوزا لجميع المواثيق والنصوص القانونية الدولية والتي تم وضعها بقرار اممي فالمساس في هذه القوانين هو خرقا فاضحا للدستورية الدولية ولحقوق الانسان وتجاوزا لجميع الخطوط الحمر .
فاستمرار هذه الهجمات يهدد قدرة الوكالة على أداء دورها الإنساني ويُضعف الدعم المقدم لللاجئين، ويُعمّق الأزمات التي يعيشونها ويوسع دائرة الالم لدى المقدسيين وكل من يتلقى الخدمة من الاونروا . فااقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلي لمقر الاونروا في القدس وما تقوم به هذه القوات الهمجية اللانسانية من اعمال مخالفة لجميع الشرائع السماوية والانسانية والدولية هوتعدي على القانون الدولي بجميع نصوصة التي تنص على عدم اقتحام او مهاجمة او التعدي على ممتلكات الهيئات والمراكز والمؤسسات التابعة لمنظمات الامم المتحدة والهيئات الدولية فما قامت به القوات الاسرائيلية من مصادرة ممتلكات مقر الاونروا في القدس الشرقية بحجة عدم دفع الديون والضرائب والاستيلاء عليها بقوة السلاح ووضع العلم الاسرائيلي على المقر وتنزيل علم الامم المتحدة فهو عار عن الصحة ويفتقد للمصداقية علما بان مدير شؤون الاونروا في الضفة الغربية المحتلة رولاند فريدريك صرح بالنفي وجود اية ديون او التزامات على الاونروا التابعة للامم المتحدة . علما بان القانون الدولي يعفي الهيئات والمراكز التابعة للامم المتحدة من الضرائب والرسوم ونقول هنا ماذا بقي من قوانين دولية وانسانية لم تمسها حكومة الاستيطان الاسرائيلي والتي تضرب بعرض الحائط جميع القوانين الدولية والانسانية متعنتة في رايها احادي الجانب والذي هو ضد الشعب الفلسطيني بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص .
فما تقوم به اسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال هو خرقا فاضحا لالتزاماتها تجاه حماية واحترام مقرات ومراكز الامم المتحدة فهي لم تحترم المواثيق الدولية قطعيا فالاسباب التي قدمها هي واهنة ولم تصدر من قواعد واسس تتصف بالمصداقية الرسمية من قبل اسرائيل .هكذا تعودت مسامعنا على الكذب والافتراء من قبل حكومة الاحتلال الاسرائيلي والبعد عن الحقيقة بمسافات يصعب على مسامعنا تصديقها وقبولها من الطرف المحتل .
ان الاونروا تاسست بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم (302)في 8كانون الاول 1949لتنفيذ برامجها الانسانية في فلسطين المحتلة وقطاع غزة فهي تعمل من اجل حماية الشعب الفلسطيني وتقديم الخدمات التعليمية والصحية بشكل مجاني له ، ان ما تقوم به الاونروا هو عمل انساني كبير وبتفويض من الجمعية العامة للامم المتحدة وارتباط مع جميع القوانين الدولية والتي تمت صياغتها من اجل الانسانية جمعاء في مشارق الارض ومغاربها . فالدور الذي تقوم به الاونروا يرتقي في الجانب الانساني من حماية للاجئين وتوفير الغذاء والدواء لهم والمساعدات الطارئة وتوفير كل السبل من اجل الحالات الانسانية الدولية فما تقوم به الاونروا يستحق الشكر والتقدير والثناء .
فاقتحام القوات الاسرائيلية لمقر وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل الفلسطينيين الاونروا في القدس لمعيب ومخجل وقد ايقض العالم ليعلم ويشاهد ماتقوم به اسرائيل من اعمل عنف وهمجية وقتل وتشريد ليفضح اسرائيل امام الراي الدولي العام بان ما تقوم به هو مخالفا لجميع القوانين الدولية والقوانين الانسانية في ان واحد ويكشف زيفها ومحاولتتها اخفاء الحقيقة ،فما تقوم به اليوم من قتل للمدنيين وهدم منازلهم كما يجري في القدس بحجج زائفة مثل مخالفة قوانين البناء والتوسع في الاستيطان والمداهمات والاعتقالات اليومية يشكل سياسية اسرائيلية ممنهجة قائمة على ابشع صور الاحتلال التي عرفها التاريخ الانساني .
ارجو بان يدرك المجتمع الدولي حجم الماساة الحقيقية التي يعيشها الفلسطينيين من جراء هذا الاحتلال الاسرائيلي للبشر والحجر بان يكثف الجهود الدولية من اجل وضع حدا لما تقوم به حكومة الاحتلال الاسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الاعزل الذي لايملك حولا ولا قوة . وان تبقى الامم المتحدة قائمة بعملها الانساني الكبير وان لايعيقها ما قامت به سلطات الاحتلال الاسرائيلي .
حمى الله الاردن بقيادته الهاشمية المظفرة ليبقى السند المنيع للشعب الفلسطيني الشقيق لتستمر رسالتنا النبيلة المقدسة تجاه الاشقاء .