لم تكن رحلة هاني شوتر إلى عالم الإعلام مجرد انتقال مهني، بل مسارًا اختاره بقناعة كاملة منذ أن كان طالبًا في مدينة إربد شمالي الأردن. ففي مدارسها تلقّى تعليمه الأساسي والثانوي، وأكمل دراسته في مدرسة إربد الثانوية بتفوّق لافت ظهر في اهتمامه المبكر باللغة والشأن العام. ورغم التحاقه بدايةً بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة اليرموك – قسم إدارة الأعمال، استجابة لرغبة والده، فإنّ شغفه الحقيقي بالإعلام كان أقوى من كل الاعتبارات، فحوّل تخصّصه إلى كلية الإعلام، واضعًا أساس الرحلة التي سترافقه عقودًا لاحقة.
بعد تخرّجه، وجد شوتر نفسه أمام فرصة العمر حين التحق عام 1992 بالتلفزيون الأردني. بدأ في دائرة الأخبار المحلية، حيث اختبر الإيقاع السريع لغرفة الأخبار، وتعلّم أدوات المهنة من التحقيق إلى التحرير وصولًا إلى التقديم. لم يمض وقت طويل حتى شارك في تغطية ملفات خارجية، وكان الحدث الذي شكّل علامة فارقة في حياته المهنية هو ابتعاثه إلى البوسنة والهرسك لتغطية الحرب من قلب العاصمة ساراييفو.
ستة أشهر قضاها هناك نقل خلالها مشاهد المعاناة والدمار، وكانت شهادته المباشرة جزءًا من الذاكرة المرئية للحرب. وبعد عودته، أعدّ تقريرًا موسّعًا حول أحداثها، وبُثّ ضمن برنامج «التليثون» الذي أقيم بأمر ملكي من أجل دعم الشعب البوسني.
وفي التلفزيون الأردني أيضًا، شارك شوتر في تجربة مميزة أضافت إلى رصيده العملي بُعدًا تحليليًا مهمًا، وذلك من خلال تعاون استثنائي مع الإعلامي الكبير الراحل سمير مطاوع في برنامج «أحداث وشخصيات». كان البرنامج يُبث من موقع الحدث عند توفره، ويتناول أهم القضايا السياسية محليًا وإقليميًا وعالميًا، مستضيفًا أبرز الشخصيات المؤثرة في تلك الفترة. وقد ساهم شوتر في إعداد البرنامج وتقديمه، واكتسب من خلاله خبرة واسعة في تحليل الأحداث وربطها بسياقها السياسي، وفي إدارة الحوار مع شخصيات سياسية بارزة، ما عزّز مكانته كإعلامي يمتلك عمقًا معرفيًا إلى جانب الخبرة الميدانية.
ومع تراكم خبرته، كلّف بتغطية نشاطات جلالة الملكة نور الحسين، قبل أن يتم اختياره لتقديم نشرات الأخبار الرئيسة، ليصبح أحد أصغر المذيعين الذين يتولّون هذه المهمّة الحسّاسة، والتي تتطلب حضورًا هادئًا، وثقة، ودقة لغوية عالية.
ومع مطلع عام 2002، اتخذ شوتر خطوة جديدة نحو فضاء أوسع عندما انتقل إلى قناة العربية في دبي. وخلال سنواته هناك، اكتسب حضورًا عربيًا واسعًا عبر تقديم نشرات الأخبار الرئيسية، والتغطيات العاجلة، والملفات السياسية الكبرى. وقد تميّز بأسلوب واضح، وصوت متزن، وقدرة على التعامل مع الأخبار المتغيرة سريعًا.
وفي عام 2016، انتقل إلى سكاي نيوز عربية في أبوظبي، حيث عمل في قسم تحرير الأخبار لمدة قاربت خمس سنوات، مشاركًا في بناء المحتوى الإخباري من داخل غرفة الأخبار، وهو الدور الذي جمع فيه بين خبرته كمذيع ميداني وقدرته على صناعة الخبر وصياغته.
بعد تلك التجربة، عاد إلى المكان الذي شكّل محطة مهمة في مسيرته، قناة العربية، حيث يواصل عمله حتى اليوم، مستندًا إلى خبرة تمتد أكثر من ثلاثة عقود، جمعت بين الميدان والتحرير والتقديم وصناعة المحتوى السياسي.
إن سيرة هاني شوتر ليست مجرد محطات متتالية، بل نموذج لمسيرة إعلامي عرف كيف يتطور ويستثمر كل تجربة في بناء أخرى. فمن شوارع إربد إلى شوارع ساراييفو، ومن استوديوهات عمّان إلى دبي وأبوظبي، بقي شوتر وفيًا لقيم المهنية، ولحضور هادئ يترك أثره دون ضوضاء. واليوم، يُعد واحدًا من الوجوه الإعلامية التي رافقت المشاهد العربي عبر سنوات طويلة، ساهم خلالها في تقديم الخبر، وتوثيق الحدث، وقراءة المشهد السياسي بكفاءة وثبات.