جاء الدور ربع النهائي من النسخة الحادية عشرة لكأس العرب FIFA قطر 2025 المقامة حاليا في الدوحة وتستمر حتى يوم الخميس المقبل الثامن عشر من الشهر الجاري، ثريا فنيا بمواجهات مليئة بالإثارة والندية، لكن الأهم أن المباريات الأربع، رفعت الحصيلة الجماهيرية إلى رقم ميلوني، في إنجاز تاريخي جديد.

وعرفت مباريات دور الثمانية التي اختتمت يوم أمس الجمعة منافسات شرسة قبل تسمية فرسان نصف النهائي الأربعة، بعدما حكمت التفاصيل الصغيرة على النتائج النهائية للمواجهات، في تأكيد على التقارب الكبير في المستويات الفنية بين المنتخبات، والذي يأتي امتدادا لما سبق في دور المجموعات، ما جعل من النسخة الحالية واحدة من أفضل البطولات تنافسية، لتتفوق على مناسبات قارية آسيوية وإفريقية، بأجواء أقل ما يقال عنها إنها نسخة كربونية من تلك التي عاشها العالم في ضيافة المنطقة الخليجية والعربية والشرق أوسطية خلال نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022.

وكان المنتخب المغربي أول الواصلين إلى الدور نصف النهائي بتجاوز نظيره السوري بهدف دون رد، لكن الطريق لم يكن بتلك السهولة أمام منافس عنيد رفض كل التكهنات في الدور الأول، وجاء بمفاجأة من العيار الثقيل بعدما ضمن لنفسه مقعدا في دور الثمانية عن المجموعة الأولى، على حساب المنتخبين القطري صاحب الضيافة والتونسي القوي، فصمد في ربع النهائي قرابة الثمانين دقيقة قبل أن يستقبل هدفا من المهاجم وليد أزارو كان كافيا لتأمين عبور المغرب إلى الدور قبل النهائي.

وضرب المنتخب المغربي في الدور نصف النهائي موعدا يوم الإثنين المقبل على استاد خليفة الدولي، مع شقيقه الإماراتي الذي احتاج إلى سبع ركلات ترجيح مقابل ست، ليتفوق على نظيره الجزائري حامل اللقب بعد التعادل بهدف لمثله في الوقتين الأصلي والإضافي من مواجهة ظلت تتأرجح فيها الكفة بين الطرفين بسيناريوهات مثيرة حبست الأنفاس حتى ركلات الحظ التي ابتسمت لأشبال المدرب الروماني كوزمين أولاريو، وحكمت على رفاق نجم الغرافة القطري ياسين إبراهيمي بمغادرة البطولة.

وعلى الجهة المقابلة، ضمن المنتخب الأردني بلوغ الدور قبل النهائي بعدما تجاوز نظيره العراقي بهدف دون رد، في مواجهة تفوق الفائز في نصفها الأول، قبل أن يظهر صمودا كبيرا في شوط ثان، هيمن خلاله المنتخب العراقي على كافة التفاصيل، لكنه لم يفلح في هز شباك الحارس يزيد أبو ليلى (رجل المباراة) ليواصل المنتخب الأردني التوهج الذي بدأه منذ انطلاقة البطولة، ليلتقي يوم الإثنين المقبل على استاد البيت المونديالي مع المنتخب السعودي الذي أنهى مغامرة شقيقه الفلسطيني عند الدور ربع النهائي.

ولم يكن المنتخب الفلسطيني الضاغط على جراحه، صيدا سهلا، حيث واصل العروض القوية، وأظهر ذات العناد كما في دور أول سجل خلاله المفاجأة الأبرز بتأمين التأهل لربع النهائي عن المجموعة الأولى، على حساب المنتخبين القطري والتونسي المرشحين قبل البطولة للمنافسة على اللقب، فأبلى البلادء الحسن أمام المنتخب السعودي، وعاد بعد التأخر بهدف، فارضا أوقاتا إضافية، قبل أن يستقبل هدفا رأسيا في الرمق الأخير عبر الخبير محمد كنو، ليغادر البطولة من الباب الواسع بعد الخسارة بهدفين لهدف بعد التمديد.

وواصلت كأس العرب FIFA قطر 2025 ضرب الحدود القياسية على مستوى الحضور الجماهيري الذي بلغ رقما مليونيا نقل البطولة إلى فضاء آخر بعدما باتت تصنف بين المنافسات ذات الشعبية الكبيرة في ثاني نسخة تحظى بشرف إقامتها تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم /فيفا/، ليحمل رقم الحضور دلالات خاصة تؤكد الإبهار التنظيمي بالنقلة الكبيرة من الإقليمية إلى العالمية والتي عرفتها فقط منذ أن مرت في نسختها السابقة العاشرة، من الدوحة عام 2021.
المحصلة الإجمالية للحضور الجماهيري بعد مباريات الدور ربع النهائي الأربع، وصلت إلى مليون و22 ألفا و592 مشجعا، في تأكيد على التفاعل الكبير الذي عرفته المنافسات من مختلف الجماهير سواء المحلية أو القادمة إلى قطر من مختلف الدول العربية، فبدت الملاعب المونديالية الستة التي استضافت المباريات وكأنها كرنفالات جماهيرية بأجواء حماسية ليس فقط في المدرجات، بل وخارجها أيضا، على اعتبار أن الجهات المعنية في قطر عمدت إلى تنظيم فعاليات ترفيهية في مناطق خاصة بالمشجعين في محيط الملاعب، وفي الأماكن السياحية المعروفة في الدولة، سواء في الحي الثقافي كتارا أو ميناء الدوحة، ومشيرب ولوسيل وسوق واقف واللؤلؤة، حيث استمتع المشجعون بتجربة فريدة من خلال الفعاليات المتنوعة بين الثقافية والترفيهية.
وكان دور المجموعات قد سجل رقما قياسيا بتواجد 812,318 مشجعا خلال المباريات الـ 24 التي لعبت في الدور الأول، بفارق كبير عن الرقم القياسي المسجل في النسخة السابقة التي جرت في الدوحة عام 2021 والبالغ 571,605 مشجعين، والذي تم كسره مبكرا وتحديدا منذ المباراة الـ18 عندما وصل العدد الإجمالي للحضور آنذاك 598,290 مشجعا، قبل أن يتوالى ضرب تلك الأرقام وصولا إلى ما فاق حاجز المليون.
وشهد دور الثمانية حضور 210,274 مشجعا، فيما شهد دور المجموعات تواجد 812.318 مشجعا، ليصل العدد إلى مليون و22 ألفا و592 مشجعا، ولكن بحساب مباريات الدور التمهيدي السبع التي جرت قبل انطلاق النهائيات رسميا والتي شهدت حضور  44.625 مشجعا، فقد وصل العدد الإجمالي حضور مليون و67 ألفا و217 مشجعا.
وعلى مستوى الحضور الجماهيري الأكبر لمباراة واحدة، فقد حطمت مواجهة المغرب والسعودية في الجولة الأخيرة من دور المجموعات الرقم القياسي  بتواجد 78,131 مشجعا، لتكسر الرقم السابق والذي سجل في النسخة الماضية 2021 خلال مباراة المنتخب القطري مع نظيره الإماراتي في الدور ربع النهائي والتي بلغ الحضور فيها 63,439 مشجعا، علما بأن مباراة السعودية وفلسطين في ربع النهائي على استاد لوسيل في النسخة الحالية كسرت أيضا رقم النسخة السابقة بعدما شهدت تواجد 77.197 متفرجا، لكن الرقم ظل أقل من رقم الحضور في مباراة السعودية والمغرب في دور المجموعات بفارق ضئيل.
وفي دور المجموعات، كانت المجموعة الأولى التي تواجد على رأسها المنتخب القطري المضيف قد شهدت الحضور الجماهيري الأكبر بمجموع 263,178 مشجعا، حيث كانت المباراة الافتتاحية التي جمعت قطر وفلسطين الأكثر حضورا من بين مباريات المجموعة بحضور 61,575 مشجعا، فيما عرفت المجموعة الثانية حضورا كبيرا أيضا بلغ 189,568 مشجعا، وشهدت المجموعة الثالثة حضور 198,638 مشجعا، والمجموعة الرابعة حضور 160,934 مشجعا.
وعلى مستوى الأرقام الإحصائية الإجمالية للبطولة منذ دور المجموعات حتى الآن، فقد خاضت المنتخبات 28 مباراة سجل خلالها 20 انتصارا و8 تعادلات (3 سلبية و5 إيجابية)، وتم تسجيل 68 هدفا بنسبة تهديفية جيدة بلغت 2.43 هدف في المباراة الواحدة، وتم احتساب 12 ركلة جزاء سجل منها تسع وتم إهدار 3 وتم إشهار 72 بطاقة صفراء و10 بطاقات حمراء.
ويتصدر الأردني علي علوان قائمة الهدافين برصيد 4 أهداف، يليه برصيد ثلاثة أهداف كل من: عادل بولبينية (الجزائر)، ومحمد كنو (السعودية)، فيما سجل هدفين في البطولة كل من: برونو أوليفيرا (الإمارات)، ورضوان بركان (الجزائر)، وعمر خريبين (سوريا)، وكريم البركاوي (المغرب)، وعصام الصبحي (عمان)، وفهد الهاجري (الكويت)، ويحيى الغساني (الإمارات)، ومهند علي (العراق)، ومهدي عبد الجبار (البحرين)، وفراس البريكان (السعودية).
وتصدر قائمة أكثر اللاعبين صناعة للأهداف، نجم المنتخب السعودي سالم الدوسري الذي قدم 6 تمريرات حاسمة، يليه كل من الجزائري رضوان بركان والبحريني علي مدن بثلاث تمريرات.