لم تكن إصابة نجم المنتخب الوطني يزن النعيمات خبراً رياضياً عابراً، بل تحوّلت إلى قضية رأي عام استحضرت مشاعر القلق والفخر والتضامن في آن واحد، وفتحت مساحة واسعة للتفاعل الشعبي والرسمي، عاكسةً عمق العلاقة بين الأردنيين ورموزهم الرياضية، وما تمثله الرياضة من بعد إنساني واجتماعي يتجاوز حدود الملاعب. وتفاعلت الجماهير الأردنية على نطاق واسع مع هذه الحالة، حيث عكس القلق على صحة اللاعب وتوالي التمنيات بالشفاء العاجل حالةً من الانتماء الوطني والوحدة العاطفية، لتغدو قصة يزن حديث الشارع الأردني في البيوت والمقاهي على امتداد المملكة. وفي حديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قال متحدثون يمثلون خبراء في الطب الرياضي وعلم الاجتماع والنفس، إضافة إلى مشجعين للمنتخب الوطني، إن إصابة النعيمات أثرت بشكل كبير على الشارع الرياضي الأردني، حيث شعر الجميع بالقلق والحزن على اصابة أحد رموز المنتخب الوطني، وتخللت المشاعر مزيج من القلق على صحته والفخر بما يمثله اللاعب للوطن، لتصبح قصته حدثاً اجتماعياً يشد انتباه المجتمع بأسره. وقال طبيب العظام والمختص بإصابات الملاعب والطب الرياضي، والطبيب المعالج السابق للمنتخب الوطني، الدكتور عصام جسام محمد، إن إصابة يزن النعيمات تُعد من الإصابات الكبيرة التي قد يتعرض لها مفصل الركبة، موضحاً أنه منذ لحظة سقوط اللاعب على أرض الملعب كانت المؤشرات واضحة باتجاه إصابة في الرباط الصليبي. وأضاف أن التشخيص الأولي يمكن أن يتم ميدانياً خلال الدقائق الأولى عبر الفحص اليدوي، لتحديد ما إذا كان الرباط مقطوعاً أم لا، إلا أن هذا الإجراء يصبح صعباً بعد نحو 3 دقائق نتيجة تقلص العضلات لحماية المفصل. وأوضح أن التعامل الطبي السليم مع هذا النوع من الإصابات لا يقتصر على التدخل الجراحي فقط، بل يبدأ بمرحلة التأهيل الطبي قبل العملية، وهي مرحلة ضرورية لتسهيل العملية وتحسين نتائج التعافي بعد الجراحة، مؤكداً أن الإعداد البدني المسبق للمصاب ينعكس بشكل إيجابي على سرعة الاستشفاء وجودة العودة إلى الملاعب. وأشار إلى أن الاستشفاء الكامل من إصابات الرباط الصليبي يستغرق عادة نحو 9 أشهر قبل الانخراط التدريجي مع المنتخب الوطني أو العودة إلى المنافسات الرسمية، مشدداً على أن أي عودة قبل اكتمال هذه المدة تُعد مجازفة، وقد تعرض اللاعب لمضاعفات أو انتكاسة جديدة. وبيّن أن القرار النهائي يعتمد على استجابة اللاعب للعلاج الطبيعي، ونجاح برامج التأهيل البدني والعضلي، ومدى جاهزية المفصل من الناحية الوظيفية، بما يضمن سلامة اللاعب واستمرارية مسيرته الرياضية مشيرا إلى أن هناك حالات مشابهة استغرق علاجها مدة 7 أشهر أو أقل، وهو مرتبط بدرجة الاستجابة للعلاج والالتزام بالتمارين التأهيلية. من جهته، قال رئيس قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور إسماعيل الزيود إن إصابة يزن النعيمات تمثل نموذجاً لتداخل البُعد الرياضي بالظاهرة الاجتماعية، مشيراً إلى أن اهتمام الأردنيين بالحالة الصحية للاعب يعكس وحدة المشاعر الجماعية والانتماء الوطني، حيث تصبح إصابته حدثاً يثير التعاطف والقلق الجماعي ويجعل المجتمع الأردني يعيش لحظة مشتركة من التماسك والانتباه العاطفي تجاه رموز وطنية رياضية. وأوضح الزيود أن هذه الظاهرة تمثل مادة غنية لدراسة الروابط الاجتماعية وتأثير الرموز الرياضية على السلوك الجمعي، مؤكداً أن التركيز على يزن النعيمات يبرز كيف يمكن للرياضة أن تكون آلية لتقوية الانتماء والهوية الوطنية، وأن الوحدة العاطفية بين الأردنيين تظهر أن القلق على صحة اللاعب والفخر بإنجازه يشكلان قاعدة لتجربة المشاعر الجمعية، وتحوّل إصابته إلى حالة اجتماعية تحمل دلالات رمزية أعمق عن الحب والانتماء للوطن. ومن ناحية أخرى، أوضح اخصائي علم النفس السريري الدكتور تيسير شواش أن الدعم النفسي والاجتماعي للجمهور يمثل عاملاً مؤثراً على عملية تعافي اللاعبين من الإصابات الكبرى، مثل إصابة الرباط الصليبي التي تعرض لها يزن النعيمات، مبيناً أن المشاعر الإيجابية والتعاطف الجماعي تعمل على تعزيز الحالة النفسية للفرد، بما يسهم في الالتزام بخطط التأهيل الطبي وزيادة تحفيز اللاعب لإتمام مراحل العلاج بنجاح، ويعكس ارتباطاً وثيقاً بين الصحة النفسية وفعالية الاستشفاء البدني. وأضاف شواش أن التفاعل النفسي بين اللاعب والجمهور يخفف من مستويات القلق والتوتر النفسي المرتبطة بالإصابة، ويعمل على تعديل الاستجابات العصبية والهرمونية التي تؤثر على التعافي الجسدي، مؤكداً أن الدعم الاجتماعي الجماعي يمكن أن يسرّع من إعادة التأهيل ويقلل من مخاطر الانتكاسات، ما يجعل الحالة النفسية المحسنة للاعب عاملاً مكملًا للعلاج الطبي، ويعزز فرص العودة الآمنة إلى المنافسة الرياضية. من جانبه قال محمد السطعان الحنيطي، أحد مشجعي المنتخب الوطني الأردني، إن حالة يزن النعيمات تمثل مصدر قلق جماهيري كبير، مشيراً إلى أن الجميع يترقب أخبار اللاعب اليومية ويتابع تطورات علاجه بفارغ الصبر. وأضاف أن اهتمام الجمهور لا يقتصر على البعد الرياضي فقط، بل يمتد إلى البعد الإنساني، حيث يشعر الأردنيون جميعاً بالارتباط العاطفي باللاعب، معتبرين إصابته حدثاً يؤثر على معنويات المنتخب وعلى الحالة النفسية للمشجعين أنفسهم. وأكد الحنيطي أن الوحدة العاطفية بين الجماهير تعكس عمق الانتماء الوطني، قائلاً إن فرحة الإنجازات أو القلق من الإصابات تصبح شعوراً جماعياً يوحّد الأردنيين رغم اختلافاتهم الفردية، ويظهر دعم الجمهور ليزن ليس فقط بالدعاء للشفاء، بل من خلال متابعة كل مرحلة من مراحل العلاج والتفاعل الإيجابي على منصات التواصل، وهو ما يعكس العلاقة الوثيقة بين اللاعب والمجتمع الرياضي الذي يراه رمزاً للفخر والانتماء الوطني. --(بترا)