كشف باحثون في دراسة حديثة عن تطور علمي لافت قد يعيد رسم خريطة التعامل مع ترنح فريدريك، أحد أخطر الأمراض الوراثية العصبية. وأوضح العلماء أن الخلايا المصابة بالمرض تمتلك قدرة غير متوقعة على التكيف الجيني، وهو ما يفتح المجال أمام استراتيجيات علاجية جديدة لا تعتمد فقط على تعويض الخلل الوراثي التقليدي، بل تستهدف مسارات بديلة داخل الخلية.
ما هو مرض ترنح فريدريك
يُعد ترنح فريدريك اضطراباً وراثياً نادراً يؤثر على الجهاز العصبي ويؤدي تدريجياً إلى فقدان التوازن وصعوبات الحركة والكلام، إضافة إلى مضاعفات خطيرة في القلب والتمثيل الغذائي. وينتج المرض عن نقص بروتين أساسي يُعرف باسم فراكساتين، وهو عنصر محوري في إنتاج الطاقة داخل الخلايا.
اكتشاف نقطة ضعف جينية غير متوقعة
توصل فريق البحث إلى تحديد نقطة ضعف جينية داخل الخلايا المصابة بـ ترنح فريدريك، حيث لاحظوا أن الخلايا لا تظل عاجزة أمام نقص بروتين فراكساتين، بل تنشط مساراً جينياً بديلاً يسمح لها بالاستمرار في أداء بعض وظائفها الحيوية. ويُعد هذا الاكتشاف تحولاً في الفهم التقليدي للمرض، الذي كان يُنظر إليه سابقاً على أنه خلل لا يمكن تجاوزه.
آلية التكيف الخلوي تفتح آفاقاً جديدة
أظهرت النتائج أن الخلايا تستخدم آلية تعويض غير مباشرة، تعتمد على تقليل نشاط جين معين للتخفيف من آثار الخلل الوراثي. هذه الآلية لا تعالج السبب المباشر للمرض، لكنها تساعد الخلية على التكيف مع نقص البروتين، وهو ما قد يقلل من سرعة تطور الأعراض لدى مرضى ترنح فريدريك.
نهج علاجي مختلف عن الأساليب التقليدية
يقترح الباحثون أن التركيز على تعديل المسارات الجينية البديلة قد يكون أكثر فاعلية من محاولة تعويض البروتين المفقود فقط. ويعني ذلك أن العلاجات المستقبلية قد تعتمد على خفض أو تنظيم نشاط جينات محددة لإعادة التوازن داخل الخلية، وهو توجه جديد كلياً في أبحاث ترنح فريدريك.
الوضع العلاجي الحالي للمرض
حتى وقت قريب، لم يكن هناك علاج قادر على إيقاف تقدم ترنح فريدريك، وكانت التدخلات الطبية تقتصر على تخفيف الأعراض. وتشمل هذه التدخلات العلاج الطبيعي لتحسين الحركة، والأدوية الداعمة لمشاكل القلب والسكري، إضافة إلى الجراحات التصحيحية لبعض التشوهات الجسدية.
أول علاج معتمد يمثل نقطة تحول
شهد المجال الطبي خطوة مهمة مع اعتماد دواء Omaveloxolone المعروف تجارياً باسم Skyclarys، ليكون أول علاج معتمد لمرضى ترنح فريدريك ممن تجاوزوا سن 16 عاماً. ورغم أن الدواء لا يُعد شفاءً كاملاً، فإنه يمثل تقدماً ملموساً ويعزز الأمل في تطوير علاجات أكثر شمولاً.
أمل جديد ومستقبل واعد للمرضى
يمثل هذا الاكتشاف الجيني قفزة نوعية في فهم آليات ترنح فريدريك، ويعزز التفاؤل بإمكانية التوصل إلى علاجات تستهدف جذور المرض بدلاً من الاكتفاء بإدارة أعراضه. ومع استمرار التجارب السريرية والأبحاث الجينية، يتوقع الخبراء أن يشهد المستقبل القريب تطورات قد تغير حياة آلاف المرضى حول العالم.