حذر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد العالمي لا يزال أمام "منعطف دقيق" بسبب تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها، داعيا دول مجموعة العشرين إلى الإبقاء على معدلات فائدة متدنية لدعم اقتصاداتها.
وبحسب "الفرنسية"، كتبت المديرة العامة للصندوق كريستين لاجارد في مدونة إلكترونية نشرت قبل انعقاد الاجتماع المالي لمجموعة العشرين في نهاية الأسبوع المقبل في اليابان أن "الأولوية المطلقة هي لتسوية التوترات التجارية مع تسريع عملية تحديث النظام التجاري الدولي".
ورأت لاجارد أن "كل شيء يدل على أن الولايات المتحدة والصين والاقتصاد العالمي هي الخاسر جراء التوترات التجارية الحالية".
وحذر الصندوق من أن الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية الحالية، وتلك التي يهدد الطرفان بفرضها قد تقلص الناتج الاقتصادي العالمي 0.5 في المائة في 2020، بسبب تراجع ثقة الشركات وقلق الأسواق التجارية.
وقالت لاجارد في مدونة ومذكرة إحاطة لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين إن فرض رسوم على كامل التجارة بين البلدين، كما يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، سيؤدي إلى تبخر نحو 455 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، في خسارة تتجاوز حجم اقتصاد جنوب إفريقيا عضو المجموعة.
وأشارت لاجارد إلى أن "تلك جروح ذاتية يجب تجنبها.. كيف؟ بإزالة الحواجز التجارية الموضوعة في الآونة الأخيرة وتفادي مزيد من الحواجز بأي شكل كانت".
وخفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني لعام 2019 إلى 6.2 في المائة، بفعل اشتداد الضبابية التي تكتنف الخلافات التجارية، قائلا إنه إذا تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين فسيكفل ذلك مزيدا من التيسير في السياسة النقدية.
وتعد هذه النسب أقل بواقع 10 نقاط مئوية عن التقديرات السابقة التي أطلقها الصندوق، وجاء خفض التوقعات بعد شهرين فقط من رفع صندوق النقد تقديراته للنمو الصيني إلى 6.3 في المائة من 6.2 في المائة، وهو ما يبرز الضغط المتوقع على ثاني أكبر اقتصاد في العالم جراء زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على سلع صينية بمليارات الدولارات.
وأوضح ديفيد ليبتون نائب المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في بيان أنه "من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 6.2 و6 في المائة خلال عامي 2019 و2020 على الترتيب".
وأضاف ليبتون: "ما زالت الضبابية الشديدة تكتنف آفاق الأمد القريب، في ضوء احتمال تصاعد التوترات التجارية بشكل أكبر".
ويشهد الاقتصاد الصيني تباطؤا محليا، إضافة إلى تصاعد التوترات مع أمريكا، التي فرضت رسوما على صادرات صينية، وتسعى لمنع شركات صينية مثل هواوي للاتصالات من العمل في الأسواق الأمريكية.
وأوضح الصندوق أنه على الرغم من أن الصين أجرت إصلاحات، إلا أنه يتعين عليها السماح للقوى السوقية بالقيام بدور أكثر حزما، إضافة إلى تسريع انفتاحها على بقية العالم.
إلى ذلك، تعتزم الولايات المتحدة اتخاذ "إجراءات غير مسبوقة" لضمان إمداداتها من المعادن الاستراتيجية والنادرة الضرورية لقطاع التكنولوجيا والجيش.
والصين من أكبر الجهات المزودة لتلك المواد المهمة، وفيما تصاعد النزاع التجاري مع واشنطن، لوحت بكين بالتهديد بوقف صادراتها من المعادن النادرة كرد على الرسوم الجمركية الأمريكية.
وقال ويلبور روس وزير التجارة الأمريكي في بيان إن تقريرا جديدا يحدد 35 صنفا من المعادن بوصفها "حساسة للاقتصاد والأمن القومي" للولايات المتحدة، بينها اليورانيوم والتيتانيوم ومعادن نادرة ضرورية لصناعة الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والطائرات وأنظمة تحديد المواقع (جي بي إس) وغيرها.
وأضاف روس: "هذه المعادن المهمة كثيرا ما يتم إغفالها، لكن الحياة العصرية تكون مستحيلة بدونها. من خلال التوصيات المفصلة في هذا التقرير، ستتخذ الحكومة الفيدرالية إجراءات غير مسبوقة لضمان عدم انقطاع الولايات المتحدة من هذه المعادن المهمة".
من جهتها، ناقشت اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح فرض "ضوابط تصدير محتملة" على المعادن النادرة خلال ندوة لخبراء الصناعة.
وأفادت هذه اللجنة المكلفة بوضع المخططات الاقتصادية في تقرير: "بحسب مقترحات خبراء.. يتعين علينا تقوية ضوابط التصدير ووضع آلية متابعة ومراجعة لعملية تصدير المعادن النادرة برمتها".
وذكرت اللجنة أن الإجراءات تهدف إلى خفض عمليات التنقيب غير المرخصة وتهريب المواد الضرورية ولمساعدة صناعة المعادن النادرة في الصين على رفع قيمتها.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد صعد موقفه تجاه الصين في مسعى للضغط عليها لتغير ممارسات تجارية يعترض عليها، لكن التصعيد الأخير تسبب في انهيار محادثات، خصوصا بسبب إجراءات أمريكية ضد عملاق الاتصالات الصيني "هواوي".
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2017 دعا ترمب وزارة التجارة وسواها من الوكالات الحكومية إلى تطوير مصادر جديدة للمعادن الضرورية لخفض احتمالات انقطاع الإمدادات خصوصا من مصادر أجنبية.
ويحض التقرير على اتخاذ إجراءات لتحسين الإمدادات "من خلال الاستثمار والتجارة مع حلفاء أمريكا" مع تحسينات تسمح بالتنقيب في الولايات المتحدة ومنها على أراض فيدرالية.
ويشير التقرير أيضا إلى خطة لتطوير جمع البيانات لتعزيز عمليات التنقيب المحلية عن المعادن.
من جهة أخرى، أظهر مسح خاص أمس نمو نشاط الخدمات في الصين بأبطأ وتيرة خلال ثلاثة أشهر في أيار (مايو)، متأثرا بتباطؤ ملحوظ في مبيعات التصدير، حيث ضغط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على القطاع الذي تعول بكين عليه في دعم اقتصادها المتباطئ.
وهبط مؤشر كايشين/ماركت لمديري مشتريات قطاع الخدمات إلى 52.7 في أيار (مايو)، مسجلا أدنى مستوى منذ شباط (فبراير)، ومنخفضا عن 54.5 في نيسان (أبريل). ومستوى 50 هو الحد الفاصل بين النمو والانكماش، وأظهر المسح أن طلبيات التصدير الجديدة المقدمة لشركات الخدمات الصينية انخفضت بشكل كبير من أعلى مستوياتها خلال سنوات المسجل في نيسان (أبريل)، من 55.6 إلى 51.1 نقطة، مع عدم تسجيل الأغلبية العظمى من الشركات التي شملها المسح أي تغير في مبيعات التصدير في أيار (مايو).
ويضع هذا نمو الطلبيات الجديدة عند أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر، وقال تشنج شينج تشونج مدير تحليلات الاقتصاد الكلي لدى مجموعة "سي.إي.بي.أم" في بيان رافق صدور الأرقام "إجمالا، أظهر النمو الاقتصادي الصيني بعض علامات التباطؤ في أيار (مايو).. التوظيف وثقة الشركات يستحقان على وجه الخصوص اهتمام صناع السياسات".