نيروز الاخبارية : عشرون عاماً ونيف، ما انفك المرض ولا الحاجة عن مهاجمة الشاب يزن الذي لا يزال واقفا على قدميه ندًّا قويًا لهما، فكلَّما أغلق عليه طريق فتح لنفسه أخرى بنفس الدافعية ليحقق يوما ما يراه هو قريبًا جدًا، النصر عليهما.
يزن محادين شاب يرزح تحت العلاج "من مرض ليس له علاج ولا منه شفاء سوى أن تتوقف الرئة عن التنفس" بحسب تعبيره، لكنه "متيقظ دائما وخائف غالبا، يحاول ان يعيش حياة طبيعية دون تفكير بالمرض".
بدأت تجربته مع مرض التليف الرئوي الكيسي من الدقيقة الاولى التي اعقبت ولادته، ليتحول إلى نزيل شبه دائم في أحد مشافي الكرك.
ظروف مادية قاهرة دفعته لتأليف رواية حملت عنوان "هواء.. لا يوشك على الوجوم" قال في تقديمها الدكتور موفق محادين، انها "كتبت باللحم الحي وخرجت للنور كما العشب البري ورائحة الارض بعد مطر مبكر".
اقعده المرض عن امتحان الثانوية العامة مرتين متتاليتين، وتسبب بإصابته بالسكري، يعيش الآن ظروفا مادية صعبة، فقد وظيفته عدة مرات بسبب عدم لياقته الصحية، كل ذلك في عقدين من عمر الشاب يزن عبد الحكيم محادين من قرية عزرا بمحافظة الكرك جنوب الأردن. زار يزن وكالة الانباء الأردنية "بترا" باحثا عن داعمين لروايته التي مكث على كتابتها أكثر من ستة أشهر عل مردودها يساعده في شراء العلاج الذي يخفف عليه أمراضًا أصابت جسده في عمر مبكرة. يروي يزن قصته ويقول "أنا من قرية عزرا البسيطة، أصبت بمرض التليف الرئوي (الوراثي) منذ الولادة، وهو عبارة عن طفرة وراثية جينية تصيب الرئتين، وقضت أختي بذات المرض وهي بعمر الشهرين فقط.. أثَّر المرض على مختلف مراحل حياتي لا سيما الدراسية منها".
ويشير يزن الى أنه أخفق في الثانوية العامة مرتين متتاليتين نتيجة دخوله المستشفى لتلقي العلاج أثناء عقد بعض الامتحانات خلال عامي 2011 -2012، أما العمل فلم يكن سهلا في العام 2013, توجه إلى الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب لتلقي دورة تحكم كهربائي استمرت عاما، حصل بعدها على شهادة معتمدة كفني تحكم كهرباء، ثم انتقل إلى العمل بمشاريع مختلفة في عمّان، لكن المرض ألزمه دخول المستشفى مرة أخرى ثلاثة أشهر متتالية، ما أعاق استمراره في العمل بأي جهة كانت.
يقول يزن، ان كل شهادة عمل يحصل عليها أو دورة أو تدريب كانت تحمل ملاحظة تفيد بعدم استمراره في التدريب في بعض الأحيان نتيجة تكرار مراجعة المستشفى، وهو ما انعكس سلباً على حصوله على أي وظيفة بعدها.. جلوس طويل في المنزل يستمر أحيانا لحوالي عام، ثم التحق بمعهد الأميرة تغريد للتدريب المهني ودرس الفندقة- تخصص طعام وشراب لمدة عام، وتخرج وعمل في عدد من مطاعم الوجبات السريعة، إلى جانب تخصصه الرئيس شيف مأكولات بحرية الذي أهله للانتقال لمطاعم المأكولات البحرية والتي عمل فيها لنحو عام كامل كان ينفق من اجره على نفسه وعلاجه الذي لازمه طويلا.
"المصائب لا تأتي فرادى" يشير يزن، ففي العام 2018 "أصيب ببكتيريا حادة فوق مرضه المزمن دخل على إثرها المستشفى ومكث فيه شهرا كاملا لتتحالف الفيروسات وتصيب البنكرياس ليصبح بعدها مريض سكري أيضا بدأت رحلة علاجه جنبا إلى جنب مع المرض القديم".
"أمراض قديمة وأخرى جديدة لا سبيل للتهرب من إجراء الفحوصات اللازمة والدورية لها وتوفير العلاجات اللازمة يضطر لتوفير بعضها من الخارج تبلغ كلفة الكورس الواحد منها 1100 دينار تكفيه لمدة شهر واحد في ظل ظروف مالية صعبة وقفت حائلا دون شراء هذا الدواء أكثر من مرتين لتبدأ من جديد رحلة البحث عن مصدر دخل يغطي ثمن هذا العلاج".
يقول يزن، "خطرت له فكرة التوجه للكتابة على شكل مذكرات وأحداث وخواطر تلخص قصته ومعاناته مع المرض، ليقوم بعدها وبدعم من مقربين بجمع النصوص المكتوبة ومراجعتها وتدقيقها، لترى بعدها روايته "هواء... لا يوشك على الوجوم" النور أواخر أيار الماضي، محاولا الاستفادة من ريعها في جمع كلفة علاجه، سلاحه كما قال فيها "مبتسم مهما مردغتني الحياة".
لا يخفي يزن مفاجأته بحجم التفاعل مع روايته خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً من فئة الشباب في مختلف محافظات المملكة، داعيا الجميع الى قراءتها وفهم محتواها بعيداً عن الجانب الإنساني له والذي يسعى أن تُسهم هذه الرواية في سد ولو جزء من تكاليف علاجه التي تثقل كاهله.
ولم يغب عن بال يزن الطلب من كل المقبلين على الزواج الاهتمام بالفحص الطبي المسبق للتأكد من عدم وجود حالات مرضية وراثية مثل مرضه، والتركيز على التوعية الصحية للشباب بصفة عامة.