نيروز الالخبارية : بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
من الواضح ان المواطن الاردني يعيش حالة من التيه والانقسام والضياع على ضوء الرصد اليومي للمواقف المختلفة تجاه القضايا الدولية والاقليمية والمحلية، فتارة تجده محسوب على هذه الجهة ومرة أخرى يقف في هذا الصف، واحيانا يقف بعناد ضد قضية معينة دون فهم ابعادها ومراميها، ومرة اخرى يغلف تفكيره الشك بكل شيء من حولة ويعزو ذلك الى منظومة الفساد المتغلغلة والتي تُحصن نفسها بشكل كبيرمن المساءلة، وكل ما يتوارد من أفكار إلى ذهنه يُشكل انطباعا لا يدعم ثبات رؤيته واستقرار تفكيره بان هناك هدف واضح تسعى الدولة الى تحقيقة، فيقضي جل وقته مشدوها وهو يقلب في ثنايا مواقع التواصل الاجتماعي يُلاحق كل بوست سواء حمل افكار ذات قيمه ام لا، فتنعكس الصورة في ذهنه كما هي الافكار والاخبار المشتته التي تزيد حالة العزلة وتقتل اليقين لديه. ربما هذه المقدمة توصيف شخصي انطباعي لكل الحوارات والجدال الذي يحصل على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعتقد جازما ان السبب في ذلك غياب المشروع الوطني النهضوي الواضح، اضافة الى تضارب المصالح بين المتنفذين وما يشعلوه من صراعات لا طائل منها الا باشغال الناس بقضايا لا تعنيهم. فلو اطلعنا على الدول ذات المشروع الوطني يمثل امامنا مشروعان ايراني وتركي فالدولتين لديهما مشروع قومي توسعي على حساب دول المنطقة، وقد استخدمت كل منهما القوة الاقتصادية والعقائدية والعسكرية لتحقيقه فاستطاعت ايران الاطباق على المنطقة العربية من اليمن الى لبنان، وها هي تركيا تحلق في فضاء ليبيا لتتسلل الى الدول العربية في افريقيا وتستند الى ما بناه الاخوان من حضور في المجتمعات العربية. كثيرة هي القضايا الخارجية التي تشغل بال الاردنيين بعيدا عن التفكير باوضاعنا الداخلية فلماذا لا يكون لدينا مشروع وطني نتفاعل معه، فلوطرحنا فكرة حل مشكلة البطالة كمشروع وطني لانقاذ مئات الالاف من العاطلين عن العمل وهذا يتطلب جهود وقرارات صعبة وقاسية اولها رفع الحد الادنى للاجور الى "400" دينار والزام كل المنشأت بذلك والحد من العمالة الوافدة وتقليصها الى النصف، حتى نخلق بيئة مشجعة للشباب للانخراط بسوق العمل، اعلم ان وزير العمل طرح هذه الفكرة ولكن تم مجابهتها من اصحاب رؤوس الاموال الذين غابت الحكمة عنهم واصروا على بقاء الوضع على ما هو عليه حتى لا تتضرر ارباحهم فتم وأد الفكرة قبل ولادتها. كنت اتمنى ان تأتي حكومة مهمتها الوحيدة حل مشكلة البطالة، إن غياب البرنامج والمشروع الوطني عن الحكومات المتعاقبة ادخلنا في متاهة وتضييعاً للوقت، وإبقاء الوضع يراوح مكانه دون أي حل، لقد التقيت بأحد المتعطلين عن العمل اليوم وهو مواليد 1994 وحاصل على الثانوية العامة فرع علمي بمعدل 77% ولكنه عاطل عن العمل ولم يستطيع اكمال دراسته بسبب اوضاعه المادية...حقا ان ذلك موجع ومؤلم. البطالة وحش كاسر اذا انطلق من عقاله سيكون اكبر خطر تواجهه الدولة فعلى الحكومات الخروج من حالة التنظير الى الحالة العملية والسماع لوجهات النظر المقترحة لحل مشكلة البطالة وهنا ادعو الى عقد مؤتمر وطني يناقش هذه المسألة ليضع حلول جذرية لهذه المشكلة الخطيرة. لا نريد لجنة لتطوير الاعلام لانه سيكون بخير اذا حُلت مشكلة البطالة والقضاء على الفساد، نريد جهود كل المخلصين ليضعوا تصورات تساعد في القضاء على شبح البطالة والى الابد...فهل من يعلق الجرس؟.