في برنامج ستون دقيقة، اطل علينا معالي وزير التعليم العالي متحدثاً ومدافعاً بعنف عن تراخيص الجامعات الطبية التي اقرها مجلس الوزراء ووجه مجلس التعليم العالي لإقرارها (على لسان معاليه)، الموضوع يثير تساؤلات كبرى، فالغالبية العظمى ضد هذه التراخيص ولهم اسبابهم والقلة القليلة تدافع عنها من باب المصالح والإستثمار ، وتبقى المصالح الوطنية مشجب نُعلق عليه قراراتنا الخاطئة، ونستظل تحته لتبرير ما لا يمكن تبريره، وأظن أن معاليه فعل ذلك مع سبق الإصرار، ولا اعرف هل فعلها عن قناعة ام ان هنالك إملاءات بذلك!
وساستعرض بأمانة ما ورد على لسان معالية، وتخيلت للحظه انه يمثل الشركات المتقدمة للترخيص! وليس جهة صاحبة ولاية تدير المشهد وتدافع عن قرارها، فالمبررات مرسله مطاطه لا تستند لتشريع، وتبقى كلاما وتوجيها لن يلزم المستثمرين!
بداية اعتقد أننا نحتكم للخطة التنفيذية للإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي دعمها جلالة الملك وعهد للجنة يترأسها رئيس الوزراء لمتابعة تنفيذ مقرراتها حتى 2025 ولم يأتِ معاليه على ذكرها في كل حديثه! ولو راجعناها لما وجدنا اي مؤشر تنفيذي يصب بترخيص جامعات طبية خاصة، بل أن التوجهات غير ذلك وتصب لصالح تفعيل ورفع سوية التعليم التقني والمهني والتطبيقي ولا مجال لذكر محاور التغيير المطلوب تنفيذها في الإستراتيجية.
اما بقية ما تحدث به معاليه فسأورده بنقاط:
1- إبتدأ معاليه دفاعه بارتباط الجامعات باتفاقيات بجامعات عالمية مرموقة! وهنا يبرز السؤال أين الإتفاقيات؟ وما هي شروطها ومعطياتها؟ أم أن الامر لا يعدو إسم واتفاقيات للإعلام!
2- يقول معاليه إن اساس الترخيص إعترافه الضمني بتدني النوعية في الكليات الحكومية والسعي لتحسين النوعية لدى الجامعات التي سيتم ترخيصها! مع أن أولوياتك ومهامك معاليك أن ترفع سوية كليات الطب الحكومية الموجودة أولا ولا يعفيك التذرع بشح الإمكانات!
3- تهرب معاليه من الإجابة على ان هنالك دراسة للموضوع، واكتفى باستعراض ما تم سابقا من رفض ومن تشكيل لجنة برئاسته ليس فيها من هو مختص في شؤون التعليم الطبي، ولم يشر معاليه ماذا كانت توصية اللجنة وعلى ماذا اعتمدت؟.
4- اعتقد لو أن هنالك دراسة حصيفة علمية لحاجاتنا في التعليم الطبي لبرزت الحاجة لتعليم عالي في التخصصات الطبية المختلفة لرفد كليات الطب وكذلك عيادات الإختصاص في القطاعين العام والخاص وطنيا وإقليميا وعالميا.
6- شرط نسبة ال 60% من الطلبة العرب والأجانب التي كررها معاليه، هل يستطيع ان يبين لنا كيف سيضمنها؟ إذا علمنا أن دول الخليج والسعودية لديها كليات طب واتفاقيات حقيقية فاعلة مع جامعات عالمية، وهل يعلم معاليه ان جامعة العقبة الطبية سيكون قريبا منها في تبوك جامعة طبية تم ترخيصها من خلال رئيس جامعة اردنية سابق يعمل هناك؟ ثم سؤال يطرح نفسه ، ماذا لو لم تحقق هذه الجامعات نسبة ال 60% هل سيتم إغلاقها؟ او تغريمها او قل ما شئت… ! هذه شروط مرسله غير عملية ولا يُضمن تنفيذها.
7- التجربة التي امامنا للجامعات الخاصة بالمجمل والتي لم ترفع سوية التعليم العالي بل اثرت على مستواه إلا من رحم ربي… وماذا عن تعزيز النوعية في الجامعات الحكومية إذا كان مجلس التعليم العالي من فرض عليها او سمح لها بهذه الاعداد لقبولات الطب والتي وصلت 4000 طالب هذا العام، لمعالجة معدلات ثانوية عامة خرافية!.
8- تحدث معاليه عن استقطاب 3-4 الاف طالب لهذه الجامعات الخاصة خلال السنوات القادمة مع 15 ألف موجودين حاليا و 5 الآف في دول أخرى موجودين أيضاً، مع نمو للجامعات الحكوميه نقدره بحوالي 5 ألآف، إذا نتحدث عن رقم يصل إلى 30 الف طالب طب فهل نحن بحاجة لمثل هذا العدد، قطعا لا.
9- تحجج معالية بإنفاق الطلبه في الخارج ما معدله 100 ألف دينار لدراسة الطب بالمعدل؟ مع أن دول مثل مصر والدول للشرقيه وغيرها لا يصل الرقم ثلث هذا المبلغ، ومن يدرس في امريكا طب هم أبناء الذوات أو الأغنياء وهم قلة، ثم في كل الأحوال يجب أن ننفتح على جامعات العالم ونبتعث ابنائنا لينقلوا لنا خلاصة التطور للدول المتقدمة إضافة إلى فوائد كثيرة ثقافية وغيرها يكتسبها طلبتنا من الإحتكاك بمجتمعات أخرى.
10- تفضل معاليه بأن ألإتفاقيات مع جامعات مرموقه سيستقطبوا منها اساتذه! وبكل صراحه ضحكت، معاليك أين هم وأين نحن منهم بالمستوى والدخل… ! ليأتوا على فتات جامعاتنا الخاصة، وأنت تعرف ان دخل احدهم في بلده يساوي راتب كلية طب بحالها عندنا! ولو حصل هذا… كيف سنلزم الجامعات الاجنبيه؟ وماذا ستدفع لها؟ ومن اين؟ هذا مكلف جدا وواضح انه كلام للاستهلاك للأسف!
11- لا أعرف ما الحكمة من إلزامية ترخيص الطب وطب اسنان والبطالة تطال الطرفين!.
12- تطرق معاليه إلى إشتراط 90% نفقات تشغيليه و20 ابتعاث وما إلى ذلك وهذا كلام مرسل لا يمكن متابعته وتنفيذه.
13- شرط أن لا تستعين هذه الجامعات بمدرسي الجامعات الحكومية! إلا بعد ترك جامعاتهم بسنوات..! بصراحه لم نفهمها؟ وليس للوزارة سلطة على أعضاء هيئات التدريس، حيث يستطيع أي منهم تقديم استقالته والذهاب لمن يدفع اكثر، وهذا ما ستفعله الجامعات الخاصة.
14- شرط منع بيع الرخصة إلا بعد خمس سنوات، ماذا لو تم البيع من الباطن مثل تعهدات الحكومة؟ وهم قادرون على إيجاد منافذ قانونيه لذلك، وشركة أمنية ورخصتها وبيعها ما زالت في ضمير الأردنيين.
15- تحدث معاليه عن إشتراط إيفادات بعد ثلاثة أشهر من الترخيص… .يعودوا اساتذه متفرغين ومساعدين، وهيئة الاعتماد تطلب رتب اكاديميه وهؤلاء سيعودوا بعد 4- 5 سنوات على الاقل! من يغطي الى حينه؟
16- تحدث معاليه عن ضمان النوعية! من خلال استقدام لجان دوليه وممتحنين من الخارج لتقييم الطلبه قبل تخرجهم! وتعجبت… ! لا يوجد شيئ اسمه شروط لا تستند لتشريعات! أين هي التشريعات التي تتيح لك ذلك؟ ويرجع معاليه ليضع الكره بمرمى هيئة الاعتماد! لضمان نوعية الخريجين والبرامج! وماذا عن الاجراءت والعملية التدريسية! هنالك قانون التعليم العالي وقانون الجامعات الرسمية وهيئة الاعتماد ولا يوجد تشريع يتيح لك كل هذه الاشتراطات مستقبلا واذا قاضيتهم او قاضوك ستخسر.
17- أثناء سرد معاليه لكل هذه الإشتراطات لتبرير قرار الترخيص برز في ذهني تساؤل! فاعتقد أن كل كادر وزارة التعليم العالي وهيئة الاعتماد لن يكفي لمراقبة ومتابعة تنفيذ الاشتراطات التي ساقها الوزير، وأدركت انها مسوغات للإستهلاك وتمرير القرار والله أعلم!.
18- أشار معاليه إلى الفوائد الإستثمارية للتراخيص وبنفس الوقت أشار إلى أن هنالك مستشفيين قائمين لشركتين، بمعنى أنه لن يتم استحداث أستثمار يولد فرص عمل كما نطمح..!.
19- شرط الحدود الدنيا للقبول للاردنيين وغيرهم 85 % ولن يتم التنازل عنه! كيف تضمن ذلك معاليك وعمرك بالوزاره اشهر وسيأتي ربما من يخضع لضغوطات رأس المال وتبدأ التنازلات!.
20- تحدث معاليه عن أن خريج الطب يخضع لامتحان البورد والذي اعرفه ان اجتياز البورد الاردني للاختصاص، وخريج الطب العام لديه سنة امتياز وامتحان ممارسة مهنة.
21- أشار معاليه أن تعدد كليات الطب فيه وجهات نظر؟ اي وجهات نظر معاليك؟ يوجد إغراق وبطالة كبيرة للخريجين وفجوة كبيرة بين العرض والطلب لا يراه الا اعمى او متعامي، وتبرير ال 60 % عرب واجانب هروب من الحقيقة، ومن اين ستضمن ذلك؟ ولو افترضنا ان الجامعات لم تؤمن ال 60% فهل سيسمح لها فقط ب 40% من الأردنيين؟ كل هذا هراء وكلام مرسل وجاهز للإختراق بعد ان تصبح الكليات امر واقع والتجارب كثيرة.
22- استراتيجيه جديده ابتدعها معاليه وتسجل له ربما… ! الهروب من دعم الجامعات بهدف تحسين نوعية التعليم من خلال فتح جامعات خاصة لتمتص الزيادة التي تاخذها الجامعات الحكومية! ومعروف ان هذا واقعيا غير موجود فالجامعات الحكومية لا تتقيد بنسب الطاقات الاستيعابية، وتقول هل من مزيد لجلب دخل للجامعات التي ترزح تحت مديونيات كبيرة ويعترف معاليه بتجاوز الجامعات للطاقات الاستيعابية ويعترف بعدم شرعية الموازي وتاثيره على النوعية! وهنا اتساءل هل معاليك معني بالجامعات الخاصة أكثر من الحكومية القائمة؟ اذا إشتغل على تحسين النوعية في جامعاتك قبل ان تفتح جامعات خاصة! لم أجد منطق ومسوغ لكل هذا.
23- أشار معاليه إلى طلبات ترخيص من جامعات خاصة ووقف الطلبات الجديده! اليس لهم حق كغيرهم؟ وهم قادرون على توفير كل المسوغات التي ذكرتها ولو صورياً! ثم يضيف معاليه اكتفينا وسنتوقف عند هذا الحد، اتوقع معاليك أن الإكتفاء حاصل منذ زمن ولا حاجة لكليات طب جديدة، ويجب توجيه الإستثمار نحو التعليم التقني الذي يحجم القطاع الخاص عن الإستثمار فيه، لأن الأهداف ربح سريع فقط، ولو على حساب كل التساؤلات والهواجس التي طرحها كثيرون، اؤكد أننا نعمل دون أستراتيجيات، وتستمر مسيرة التخبط في بلدي بشتى المجالات للأسف.
سامحني معاليك كل الإحترام لشخصك وتاريخك، لكني أناقش مواضيع قد اكون مصيباً أو مخطئاً لكني أشارك الجميع حب بلدي ورغبتي بأن يكون الأفضل… حمى الله الأردن.