يحيي الأردنيون في الرابع عشر من تشرين الثاني من كل عام ذكرى ميلاد المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال طيب الله ثراه.
هذه الذكرى التي تمثل رمزا للعطاء وإستمراراً للإنجازات التي تحققت بقيادة جلالته خلال خمسة عقود من حكم جلالته، والتي بنى خلالها وطناً صغيراً شامخاً بالرغم من محدودية الموارد، ونقله الى منارات الحضارة الحديثة ومدارج العلو والنماء والسؤدد، واضعاً بصمات مضيئة في الحقب التاريخية، فهي رحلة حافلة بالمعيقات والمفاجآت وبالكد والجد والصبر والمثابرة، مثلما هي زاخرة ب الإنجازات التي شملت جميع مناحي وميادين الحياة للأردن والأردنيين.
ففي كل عام من عمر الوطن يذكر الأردنيون على المستوى الرسمي والشعبي ذكرى ميلاد الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه هذه الذكرى التي أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أن تكون يوماً وطنياً خالداً ومحطة من محطات التقدير والعرفان للراحل العظيم.
ولد الراحل العظيم الحسين بن طلال في عمان في الرابع عشر من تشرين الثاني من عام ١٩٣٥، وأكمل تعليمه الإبتدائي في الكلية العلمية الإسلامية في عمان، ثم إلتحق بكلية فكتوريا في الإسكندرية بجمهورية مصر العربية، وفي عام ١٩٥١ التحق بكلية هارو في إنجلترا، ثم تلقى تعليمه العسكري في الأكاديمية الملكية العسكرية في ساند هيرست، ومنذ تسلمه سلطاته الدستورية وهو يتطلع الى زمن عربي مزدهر قادم، فقد كان همه الأجيال القادمة ونواة الغد المشرق وأن يكون مع أمته ولها مردداً الإنسان أغلى ما نملك ناذراً نفسه لهم، مجافياً الراحة في سبيل حياتهم وراحتهم وإسعادهم، جاعلاً نفسه خادماً لهم، قوياً بهم ومعهم معتزاً بعزوته من أبناء شعبه، مخاطباً إياهم ب الأهل والعزوة والعشيرة والأسرة الأردنية الواحدة، همه وطنه وشعبه وأمته، شعبه يعيشون في سويداء قلبه وهو يعيش في سويداء قلوبهم.
لقد كانت بداية فترة حكم المغفور له طيب الله ثراه فترة صعبة إذ عصفت بالمنطقة العربية آنذاك أحداث جسام إستطاع الأردن التكيف معها وتجاوزها بسلام، فقد وقف جلالته الى جانب الشقيقة مصر لصد العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦ وأبدى إستعداده للدفاع عنها بكافة السبل وفي العام نفسه إتخذ جلالته قراره التاريخي الشجاع بتعريب قيادة الجيش الأردني والإستغناء عن خدمات قائد الجيش كلوب وتسليم القيادة للضباط الأردنيين، هذا القرار الذي كان له صدى إيجابي وطنياً وعربياً.
وفي عهده رحمه الله خاض الجيش العربي الأردني حروب ١٩٦٧، ١٩٧٣ وحقق نصراً مبيناً في معركة الكرامة في ٢١/أذار ١٩٦٨ التي أعادت للأمة العربية كرامتها وإعتبارها، عندما عبرت القوات الإسرائيلية الحدود الأردنية لإحتلال المرتفعات الشرقية حيث خاضت قواتنا المسلحة الباسلة معركة الصمود والبطولة ولقنت العدو درساً وعاد يجر أذيال الخيبة والهزيمة.
كان الحسين رحمه الله أباً وأخاً، كريم النفس والخلق، رحيماً متسامحاً، رجل المواقف والكلمة والقرار والإلهام والعطاء والعطف والحنو، وطنياً مثلما كان قومياً هكذا كان الحسين إذ عاش عزيزاً كريماً محبوباً في حياته فالتف الشعب حول قيادته، ومات عزيزاً كريماً سارت الجموع خلف جثمانه حزناً واحتراماً وحباً، والتقى العالم بقادته وزعمائه وساسته وممثليه عند تشييعه ترجمة لمكانته العظيمة حياً وميتاً.
وفي هذه الذكرى نستذكر الحسين رحمه الله لندعو الله أن يتغمده بواسع رحمته معاهدين الله أن نكون مخلصين لله والوطن والملك، ووفاؤنا للحسين أن نستمر على النهج الذي يأمله الوطن منا وأن نحمل الأمانة والرسالة السامية ونسير خلف قيادتنا الهاشمية الحكيمة ليبقى هذا الوطن كما أراد له جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه أن يكون.