مخطئ من يظن أن العلاقة التركية الروسية او الصراع التركي الروسي وليد الساعة، او مرتبط بالأحداث الجارية حاليا على الساحة السورية، فهذا الصراع والاشتباك السياسي والعسكري وإن كان على خجلا و لايزال في الإطار الظاهر تحت السيطرة، في الواقع هو صراع له جذوره التاريخية التي لا يمكن تجاوزها والقفز عنها أمام مايقع على الساحة السورية من أحداث، وكي يكون القارىء ملما ولو بشكل بسيط لما يجري على الساحة عليه أن يطلع على أهم مراحل الصراع بين تركيا وروسيا العائد في جذوره الى الدولة العثمانية وروسيا القيصرية مع نهايات القرن الخامس العشر والممتد الى هذا اليوم.
و تاليا أهم مراحل الصراع والمعارك التي دارت بين الطرفين منذ القرن السادس عشر ولغاية الان.
1- حرب استراهان 1568-1570: وقعت هذه الحرب بعد أن استعادت القوات الروسية مدينة استراهان الواقعة في ولاية القرم والمطلة على بحر قزوين من أيدي القوات العثمانية والتي قامت بهجوم مضاد على المدينة استمر لمدة عامين لأنه فشل في استعادة المدينة مما حدى بالطرفين الى توقيع اتفاقية سلام بينهما عام1570.
2- حريق موسكو 1571: حيث اقتحم خان دولة القرم التابع للعثمانيين موسكو وأحرقها على من فيها وكانت من أشد المعارك وقعا على الروس.
3- معركة مولدي 1573: ومولدي قرية تقع جنوب موسكو، وكانت معركة مولدي معركة فاصلة انتصر فيها الروس وتوقف المد العثماني بعد عام على حريق موسكو.
4- حرب موسكوف 1681: اندلعت هذه الحرب بسبب توسع القيصر الروسي الكسي وتمدده اتجاه بعض المناطق الخاضعة للعثمانيين منها اوكرانيا ورومانيا، إلا أن روسيا خسرت هذه الجولة و وقعت معاهدة مع العثمانيين أجبرت على التراجع لحدود ما قبل الحرب.
5- حرب الاتفاق المقدس 1686- 1700: وقعت هذه الحرب بعد أن حاصر العثمانيين فيينا عام 1686، وعلى غرار ذلك وقعت الدول الاوربية الاتفاق المقدس لمواجهة العثمانيين، وانضمت روسيا الى هذه الحرب رغبة منها على ايجاد موطيء قدم لها من جديد على البحر الأسود من خلال السيطرة على منطقة ازاك والقرم. وتمكنت روسيا من تحقيق هدفها واجبرت الدولة العثمانية على توقيع اتفاقية سلام عام 1700.
6- حرب برود 1710 – 1711: وهذه الحرب أخذت طابع مختلف عما سبقها من الحروب، حيث بدا واضحا الصراع الديني بين روسيا الأرثوذكسية والإمبراطورية العثمانية المسلمة، حيث حاول قيصر روسيا تحريض المناطق الأرثوذكسية الخاضعة للعثمانيين للانتفاض والتخلص من العثمانيين إلا أن الدولة العثمانية انتصرت في هذه الحرب.
7- الحرب النمساوية الروسية العثمانية 1735 -1739: وقعت هذه الحرب بعد أن وقعت النمسا اتفاقية مع روسيا للسيطرة على مناطق في البلقان، واستمرت هذه الحرب لمدة أربع سنوات انتصر فيها العثمانيين على الروس والنمساويين ووقعت بعد ذلك اتفاقية بلغراد للسلام بين النمسا والعثمانيين.
8- حرب 1768- 1774: لم تتخلى روسيا عن أطماعها في ضم اوكرانيا والقرم بالرغم من هزائمها المتكررة على يد العثمانيين، فشنت هذه الحرب باستراتيجية واستعداد مكنها من الانتصار واجبار العثمانيين على توقيع اتفاقية كوتشوك كاينارجا عام 1774 وفيها اعترف العثمانيون بضم روسيا للقرم وجنوب او كرانيا.
9- حرب 1787- 1791: هذه الحرب شنتها الدولة العثمانية في محاولة لاسترجاع ما خسرته قي حرب 1768 – 1774، إلا أنها لم تحقق ما كانت تصبوا اليه.
10- 1828-1829 : حدثت هذه الحرب بعد وقوف روسيا إلى جانب اليونان في سعيها للاستقلال عن الدولة العثمانية وتمكنت اليونان بمساعدة روسيا من إعلان استقلالها واعترفت الدولة العثمانية بذلك بموجب اتفاقية اديرنه عام 1829 كما وأقر العثمانيون بالتواجد الروسي على السواحل اليونانية.
11- حرب القرم 1853- 1856: وقعت الدولة العثمانية اتفاق مع بريطانيا وفرنسا وسردينيا وكورسيكا بهدف مواجهة وطرد الأسطول الروسي من مواقعه الجديدة في البحر المتوسط و بحر قزوين و البحر الأسود وتمكنت الدول المتحالفة من الحد من التمدد البحري الروسي إلا بحر قزوين، حيث بقي الأسطول الروسي مسيطر عليه بالإضافة للقرم.
12- الحرب المقدسة 1877 -1878: أعلنت روسيا على أنها الحامية والراعية للمسيحين المقيمن تحت السيادة العثمانية في البلقان وبلاد الشام وشنت حربا على أساس ديني إلا أنها لم تحقق ماتصبوا إليه أمام الصمود العثماني.
13- حرب البلقان 1912 – 1913: كانت مشاركة روسيا في حرب البلقان الأولى والثانية مشاركة غير مباشرة من خلال تشجيع التحالفات بين الدول الواقعة تحت السيطرة العثمانية من أجل الصمود في وجه العثمانيين، حيث أسفرت هذه الحرب عن استقلال معظم الدول الاوروبية .
14- الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918: في هذه الحرب وقفت روسيا مع الحلفاء ضد المانيا والدولة العثمانية، إلا أن التحالف الروسي مع دول الحلفاء لم يستمر طويلا بسب قيام الثورة البلشفية وبعد الحرب انتهت القيصرية الروسية والخلافة العثمانية وظهر الاتحاد السوفييتي والجمهورية التركية مع نهاية تلك الحرب.
15- المواجهة الروسية التركية على الارض السورية 2015-2020 . تبقي الساحة مفتوحة على كافة الاحتمالات
بعد هذا العرض السريع لبعض محطات ومراحل الصراع الروسي التركي علينا ان ندرك حقيقة وهي ان صراع المصالح لا يمكن ان يوضع أي حد له الا من خلال امتلاك كلا الطرفين لقوة رادعة تحد من طموح الأخر اما ان بثي الاعتقاد لدى أي طرف من أطراف الصراع انه يملك القوة لفرض ما يريد ستبقى كل الاحتمالات والخيرات مفتوحة لكلا الطرفين وما الأرض العربية الا ساحة الملعب والحكم حلف الناتو والعرب الجمهور والممول لهذا الصراع