اليوم وجيشنا العربي كالعادة يقف في الصف الأول في مواجهة أعداء الوطن والمواطن وهو يزين شوارع مدننا وقرانا وبوادينا في ظاهرة ربما تكون الأولى في العالم ليعرض نفسه للخطر في سبيل حماية الأردنيين من الخطر الداهم والوباء القاتل نجد من الواجب علينا ان نحيي هذه السواعد ونستذكر معهم في هذا اليوم ذكرى سفر من اسفار المجد والعز والذي حققه وخطه هذا الجيش على صعيد الأمة بشكل عام، وهو النصر الأول للعرب على العدو الصهيوني والذي تحقق في معركة الكرامة والتي وقعت بعد ما يقل عن عام من هزيمة العرب في عام 1967 .
ونستعرض هذا الانجاز من خلال ما رواه وشهد به العدو والصديق عن هذه المعركة الخالدة والتي نفذها بكل حرفية وقتدار جيشنا العربي الباسل باشرف وقيادة مباشرة من الراحل العظيم الحسين بن طلال رحمه الله و هي المعركة التي فرضها و أقدم عليها الجيش الاسرائلي ساخرا من العرب وجيوشهم،متوهما انه سيحقق نصرا خاطفا كما حقق في حرب حزيران ، ويتضح ذلك من خلال عبارة موشي ديان القائد الإسرائيلي حين قال قبل الهجوم الاسرائلي على الاردن بيوم واحد : -غدا سنشرب الشاي في السلط – بهذه العنجهية وبهذا الغرور دفعت إسرائيل بقواتها صوب الاردن وتحت شعار هذه الكلمات دارت رحى معركة الكرامة الفاصلة بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأردني.
وكان الرد الأردني- المنية ولا الدنية – من قبل احد ابطال الكرامة وهو كاسب صفوق الجازي
ست ساعات بلغت فيها القلوب الحناجر من الساعة الخامسة صباح 21/3 /1968 الى الساعة الحادية عشر من ظهر ذلك اليوم حيث اجبر العدو على طلب وقف إطلاق النار.
في هذه الذكرى الخالدة لمعركة الكرامة التي خلد بها الجيش الأردني أروع وأقوى الملاحم مع العدو الصهيوني وسطر مواقف البطولة، والصمود، والتضحية، وهنا سنتحدث عن كرامة كما شاهدها ودون عنها الاخرون الاعداء والاصدقاء ولن نكتب بلغة المنتصر ونترك الحكم للطرف الاخرى حتى لا يقال اننا نغالي ونصنع نصرا من وهم، وسوف نستعرض ذلك من خلال نماذج من اقوالهم وشهاداتهم عن هذه المعركة وهذه الشهادات تبين قوة وقدرة الجيش الاردني على المواجهة والانتصار وشعارهم الشهادة او النصر او كما قال القائد الميداني لمعركة الكرامة المرحوم كاسب صفوق الجازي " المنية ولا الدنية "
شهادات من الجانب الاسرائيلي:
أ- شهادات العدو
1- حاييم بارليف رئيس أركان الجيش الاسرائيلي في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 قال : " ان إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران وان عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا ، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة.
2- المقدم أهارون بيلد قائد مجموعة القتال الإسرائيلية في المعركة صرح لجريدة دافار الإسرائيلية: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
3- الكاتب الاسرائيلي افيتار بن تسديف قال: " الهزيمة في الكرامة الحقت باسرائيل ضررا استراتيجيا خطيرا وخلفت عشرات القتلى والجرحى وبثت الامل في الروح العربية أن بإمكان العرب مواجهة الترسانة العسكرية الاسرائيلية"
ب- شهادات مختلفة
1- صحيفة نيوزويك الأمريكية قالت بعد معركة الكرامة: "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي".
2- الرئيس المصري جمال عبد الناصر قال عن هذه المعركة : "لقد كانت نقطة تحول في الصراع الإسرائيلي-العربي بين القوات العربية والإسرائيلية"
3- وزير دفاع روسيا الذي كان يزور دمشق آنذاك قال : "لقد كانت معركة تشرف الأمة العربية"
هذه بعض من الكلمات والشهادات التي شهد بها العدو والصديق ببسالة وشجاعة الجيش الاردني، فتحية لجيشنا العربي المصطفوي وتحية خاصة للشهداء والجرحى ولكل من شارك في تلك المعركة الفاصلة لقد كان لحكمة وشجاعة القيادة الدور الحاسم فكانت معركة "الكرامة" بنتائجها أكبر من أن تلخص بكلمات، فقد تمكن الجيش الاردني من صد القوات المعادية عن الوطن العربي وليس عن الأردن فقط وكانت اول هزيمة نوعية للجيش الذي لا يقهر ومع ذلك لم يكن لمعركة الكرامة تلك الأصداء في الإعلام العرابي وبالشكل الذي يحاكي حجم الانتصار سيما وان هناك مواجهات مفتعلة بين إسرائيل وبعض الإطراف تحظى بتغطية إعلامية هائلة
حمى الله أردننا الغالي وجيشه الأبي في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.