إذا قيل خيل الله يوما ألا أركبي ** رضيت بكف الأردني أنسحالها
مخطيء من يظن ان تاريح الاردن يبدأ مع مطلع القرن العشرين ومن يعش هذا الوهم عليه مطالعة التاريخ فالاردن الضارب في جذور الزمن تحدثت عنه اوابده واثاره الخالدة فهو الغني بمكونه البشري المعطاء المتسامح مع الجميع المتعالي والمتغاظي عن الجراح
لن اسرد او اطيل بذكر قصة عظمة الانسان الاردني الذي طوع الصخر والحجر وجعله محجا ومقصدا للعالم اجمع فمن نقش تاريخه بصخر البتراء ومن بارك او لقاء تصالحي في الاسلام في اذرح ومن حفظ الدولة الاموية عندما اضطربت اركانها من السقوط حيث يقول الشاعر بني امية في تلك الحادثة :
لولا الإله وأهل الأردن اقتسمت ** نار الجماعة يوم المرج نيرانا
و من احتضن بنو العباس وهم يشكلون دولتهم الأولى لايمكن ان يكون وطن عادي وانسانه انسان عادي انه الاردن العظيم والاردنيون لايمكن الا ان يكونوا في قلب الامة وفي مفاصل الاحداث
بقي الاردن مركز ولم يكن على الهامش في ظل الدولة الاسلامية حيث كان الصحابة يرون ان الأردن الجنة ويريدون بتسأل هل الجنة كجنان الأردن. ومنذ ان كانت مؤته ومنذ انفاذ جيش اسامة ثم ارسال الخليفة الصديق الجيش الى جند الاردن وإلى ان ثار العرب على الاتراك فكان الاردن وكانت الثورة العربية التي هدفت الى تخليص العرب من نير الاحتلال العثماني لكن دول التحالف كانت بالمرصاد و اجهظت الحلم العربي قبل ان يرى النور كان الأردن الجغرافيا والانسان حاضر في التفاصيل ولم يكن على الهامش
بعد ان تقاسم الحلفاء الغنيمة واسقطت فرنسا الحكومة الفيصيلة في دمشق في 1920 قامت في الاردن حكومات محلية عدة لضبط الأمور نذكر منها حكومة عجلون وترأسها علي خلقي الشرايري، وحكومة دير يوسف بزعامة الشيخ كليب الشريدة ، وحكومة جرش وترأسها محمد علي المغربي، وحكومة السلط وضمت السلط وعمان ومادبا، وحكومة الكرك بزعامة رفيفان باشا المجالي.
واستمرت هذه الحكومات المحلية قائمة الى ان توحدت تحت قيادة الامير عبدالله بن الحسين حيث شكلت امارة شرق الاردن في عام1921 وخضعت للانتداب البريطاني الذي أقرته دول الحلفاء في مؤتمر «سان ريمو» في 25/4/1921 وشكلت أول حكومة لشرقي الأردن في 11/4/1921برئاسة رشيد طليع والى حلب - في عهد الملك فيصل في سوريا - حيث سمي مجلس الحكومة بمجلس المشاورين .
بقي الامر على هذا الحال الى ان تم توقيع اتفاقية الصداقة والتحالف بين الاردن وبريطانيا في 22/3/1946وبموجبها اعترفت بريطانيا باستقلال الاردن وتم اعلان الاستقلال بشكل رسمي يوم 25/5/1946 وتوج جلالة المغفورله الملك المؤسس عبدالله بن الحسين ملك للاردن وقد كانت تلك المرحلة مرحلة عصيبة فشهدت قرار تقسيم فلسطين وحرب 48 التي قاتل فيها الاردنيون الى جانب اخوانهم العرب بكل رجولة وبسالة في ظل ضيق اليد وقلة الامكانيات وجود قيادة اجنبية للجيش الاردني الا ان ذلك لم يثنهم عن اداء دورهم في الدفاع عن فلسطين.
بعد استشهاد الملك المؤسس تسلم جلالة المغفور له الملك طلال بن عبدالله الا انه لم يمضي فترة طويلة في الحكم فانتقل الحكم الى الملك الحسين رحمه و شهدا الاردن مرحلة جديدة من حركة البناء والاعمار غير الاعتيادية التي لم يشهدها من قبل ونموا اقتصاديا ملحوظا.
حيث شهدت تلك الفتره نقلة نوعية على مختلف الصعد وان كان اهمها على المستوى السياسي الغاء المعاهدة البريطانية و وعلى الصعيد العسكري تعريب قيادة الجيش ناهيك عن التطور الملحوظ في مجال الصحة والتعليم ومعيشة الانسان حيث شهد الاردن نقلة نوعية ايضا بالرغم من محدودية الامكانيات وركز جلالة المغفور له بإذن الله ان تصل الخدمات الى الأردنيين في كل مكان وحرص على بناء الجسور وتعبيد الطرقات وبناء المستشفيات والجامعات والمدارس والمنشأءات الرياضية والكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها من البنى التحتية وعلى مساحة الوطن.
وبعد وفاة الراحل العظيم الملك حسين رحمة الله الذي احبه الاردنيون حب فطري وغريزي انتقل الحكم الى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي يسعى جاهدا للوصل بالاردن الى مصافي الدول المتقدمة في كافة المجالات ونسأل الله عزوجل ان يسدد خطاه وان ييسر له البطانة الصالحة و المخلصة لتراب الوطن والتي تعمل بجد واخلاص لبناء الأردن في ظل العرش الهاشمي للوصل به الى مصاف الدول المتقدمة وان نحتفل العام القادم بالاستقلال والأردن الإنسانية جمعاء خالية من الفساد و الأوبئة وتسود العدالة كافة بقاع الأرض