إلى من رباني صغيراً .... ورعاني شاباً.... وصاحبني كبيراً
الى طيب القلب و الحب و العطاء....
أبي اياها السامق في قلبي رغم الغياب يا روحاً احببتها وما كفاني فيها العشق ارتواء .....
أبي يا نوراً وهبني بعض ضوءه وبعضاً من بركات السماء
كل الحزن أقل من وقع فقدك وسطوة رحيلك فحدث الواحد و العشرون من شهر آب اصعب على النسيان .
هل تجرؤ الذاكرة الا تذكرك فيه؟
ليس رثاء متأخراً ما أكتبه الآن ... ليس تمجيداً لك أو بحثاً عن أمثالك في هذا الزمان ، بل أكتب سعياً للتخلص من آهات الحنين و الوجدان .
بعض الرجال يولدون في الزمن مرة واحدة لا تتكرر ... وأنت منهم يا ابا ليث .
فراقك لم يكن سهلاً ابداً ، ترك فراغاً في مسعاك في دروب الخير و الإحسان و العطاء ، وقد ورثنا عنك المحبة و الصدق و الإخلاص و العزة و الكرامة ، وكنت للمحبة عنوان وأسماً لامعاً.
فرحم الله قلبك و روحك ....
رغم صعوبات حياتك في عملك لخدمة الوطن الحبيب من الشرق للغرب و من الشمال للجنوب كنت نظيف اليد ... عفيف اللسان .
مرفوع الرأس ... خدمت أهلك ووطنك فارساً وجندياً في جيشنا العربي الباسل بكل شرف و أمانة .... فتركت سيرة عطرة مشرفة ، و ايادٍ بيضاء تعمل في الخير ، قد سبقتك الى الله أعمالك و دعوات أناس كنت لهم بالسر عوناً ، يدعون لك بالرحمة و المغفرة و الجنان.
كنت و ما تزال موجوداً في واقعنا ومع من أحبك من الأبناء و الأحفاد و الأخوان و الأصدقاء و الجيران من أبناء بلدك فقد كنت أنساناً بكل ما تعنيه الإنسانية من الطفيلة الهاشمية ، متسامحاً مع حسادك قبل أصدقائك ... و للعفو كانت روحك عنواناً.
علمتنا ان الحب يكمن في الصدر ، و الصدر يحمل قلباً يضيئه الحب الصادق .
علمتنا كيف نختلف و نحترم آراء بعضنا البعض ، وأن الرأي فينا نابع من فكر أصيل يحمل تراث أمتنا ، و أن نمثل قيمنا العربية و شريعتنا الغراء....
علمتنا كيف نسمو بأرواحنا محلقين في سماء الكون نبحث عن مرضاة الله دون مرضاة البشر ... فكأنك طير محلق في الفضاء يمكث بين أوراق الزمن و دفاتر الأيام .... يتنقل بصفات أسمه (بصبر و طموح و مسؤولية) ، دون الركون إلى أحد سوى التوكل على الله وحده.
والدي أحاول أن أسترجع الزمن في ذاكرتي ... فكل يوم يذكرني بعبقك و ريحانك و رجاحة عقلك ، و سمو خلقك و ثمار عملك ، و مواقفك ناصعة الطهر و الرجولة و ذكراك العطرة في ميادين الحياة .
فما عسانا أن نفعل سوى أن نقول لك : سلام على روحك الطاهرة النقية ، سلام من كل محبيك .... سنسير على خطاك بثبات و شموخ كما كنت شامخاً اصيلاً .
نم وداعاً .... سنعيش على ذكراك ... فقد تركت فينا همة باقية و عملاً في سبيل الخير و سلوكاً على طريق الفضيلة بعون الله.
و أنني في هذه الذكرى لا يسُعني الإ أن نرفع أيدينا إلى الله العلي القدير نسأله ان يتغمدك بواسع رحمته و غفرانه و أن قبرك روضاً من رياض الجنة .