كان اليهود في قلب مؤسسات صنع القرار البريطانية وفي دول غربية اخرى، ويجلسون على جبال من ذهب وخزائن الدهاء، واساطير المظلومية والحقوق المنهوبة، والتشاركية في الخلفية الثقافية والدينية للشعوب الغربية المسيحية، وخدمات فائقة للدول المنتصرة في الحرب العالمية الاولى أثنائها، ومع ذلك قبلوا بوعد بلفور الذي لم تذكر فيه كلمة دوله لليهود. مجرد وطن قومي، بالرغم من اتساع الحلم الصهيوني الاسطوري المستند الى التوراة والذي تعززه تفسيرات غريبة للمفسرين المسلمين لايات من القرآن، ليشمل ما بين نهر النيل الى دجلة والفرات. فقد قبلوا بتقاسم حتة فلسطين عام ١٩٤٨.
كانت نتيجة" قبول الممكن" في لحظة، الحصول على "ممكن اكبر" بعد ذلك ، ثم "ممكن آخر" اكبر على طريق الحلم الاسطوري الاكبر.
على الجانب الاخر، ظل الفلسطينيون( يُرفضُ ) عنهم من قبل سماسرة السياسة الفلسطينين والعرب، و ردة فعل الفلسطينيين هي هي: الرقص والتمجيد للمزيفين السماسرة المنافقين. ماذا كانت النتيجة؟ بالطبع تَناقصَ المُمكنُ باستمرار. وسيأتي وقت ليس بعيدا موعده، ينعدم فيه "الممكن" إن استمروا في غفلتهم يعمهون.
استطيع أن اجزم بأن 99% من العرب والمسلمين، يرفضون مقترح انهاء النزاع العربي الاسرائيلي الذي قدمته ادارة الرئيس ترامب. وفي الوقت نفسه، اجزم، بأن 99.99999% من الفلسطنيين ومن العرب ومن المسلمين بمن فيهم وزراء ونواب واساتذة جامعات واعلاميين لم يقرأو ا المقترح كاملا في نسخته الاصليه، وبالتالي لم يطلعوا على ما يقدمه فعلا للفلسطينيين، وإنما بنوا رفضهم على ما سمعوه من وسائل الاعلام او الشك التلقائي في نوايا الامريكيين والغربيين الكفار، حسب وجهة نظرهم.
التصريحات الرسميه التي نقلتها وسائل الاعلام العربي، وإن اختلفت لغتها بين الحكومات العربية والاسلامية حسب درجة علاقتها بامريكا واسرائيل، تمثل قمة النفاق للفلسطينيين و العرب الذين تغلب عليهم السذاجة والانفعال والتلقائية وكراهية اليهود والمسيحيين الغربيين احفاد الغزاة الصليبيين.
بحثت الحكومات التي تتظاهر بالرفض عن الجوانب السلبية في خطة ترامب كمرتكز للرفض. وبالتأكيد لا تخلو خطة ترامب، ولا الخطط التي سبقتها من نقاط سلبية تجاه الحقوق الفلسطينية.
الاتفاقات التي وقعتها وتتعايش معها دول كتركيا واليابان والمانيا وايطاليا واليونان وحتى امريكا بعد نهاية الحرب الكورية وحرب فيتنام فيها الكثير من السلبيات للاطراف الخاسرة والضعيفة.
لقد قبلت الصين بمنح هونج كونج وضعا خاصا رضوخا لشروط الحكومة البريطانية حتى يتم ارجاعها للصين. ولا زالت الصين عاجزة عن استرجاع تايوان.
الحكومات العربية ومن بينها بالطبع الحكومتين الفلسطينيتين ليست في حالة استعجال لذبح البقرة التي ينتفعون من البانها وعجولها.
الذين رفضوا مقترح ترامب لم يقدموا البديل لأنهم لا يملكونه ولا يستطيعونه . مسلسل الرفض، والرفض فقط، مستمر منذ عام ١٩٣٦. وللرفض اسباب من بينها البحث عن الشرعيه الشعبويه للاستمرار في السلطه والتكسب. كافة هذه المبررات تعود بالفائدة على القيادات الرافضه وبالويل والثبور على الشعب الفلسطيني والشعوب العربيه. حكمة "حسيبك للزمن" لم تسترجع لواء الاسكندرونه، ولا عربستان، ولا الاندلس.
منذ عام ١٩٣٦ وهو عام الانتفاضة الفلسطينية الاولى، والارض الفلسطينية ينطبق عليها نص الاية القرآنية: "الم يروا انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها". الارض الفلسطينية تنقص ايضا من اعماقها.
هنالك قاعدة ذهبية في السياسة لا يفقهها الفلسطينيون ولا العرب تقول، أن من لا يملك خيار الحرب لا يملك خيار السلام ايضا.
اسرائيل تملك الخيارين معا، خيار الحرب وخيار السلام. اسرائيل تبحث عن السلام ليس لأنها ترتعش خوفا من العرب، ولكن لأنها تبحث عن اسواقهم واستثماراتهم، والنفور من التلوث الصوتي في اجواء المنطقة.
السلطة الفلسطينية اعلنت على لسان رئيسها انها تتبنى استراتيجية السلام ، وأنه في غير الوارد التخلي عن هذه الاسترايجية. وبناءا على هذه الاسترايجية تتعاون السلطة للحفاظ على الامن الاسرائيلي، وما يتطلبه ذلك من متابعة ومراقبة نوايا واعمال النشطاء الفلسطنيين وتسليمهم لاسرائيل.
الامر لا يختلف بالنسبة لحركة حماس. التي هي في حالة مفاوضات وتفاهم مع اسرائيل من تحت الطاولة احيانا، وبوساطة مصرية ودولية احيانا اخرى.
السؤال الذي يطرح نفسه، هل لدى الرافضين لخطة ترامب اي بديل؟ وهل قدم الرافضون بديلا قابلا للتحقق افضل من مبادرة روجرز التي قدمت لعبدالناصر فأخرجت منظمات الفدائيين عليه الجماهير غضبا وتنديدا؟ وهل حصلوا على افضل مما عُرض في كامب ديفيد مع اتفاقية السادات؟ هل اتفاقية اوسلو افضل؟ وهل قدم الرافضون بديلا افضل مما عرضه بوش الاب، وبوش الابن والرئيس كلنتون؟ يبدو ان اتفاقية اوسلو هي الافضل من وجهة نظر الفلسطينين قيادات وشعبا!!
الموقف الفلسطيني دفع وسيدفع باقي الدول العربية الى اتباع ما بدأته مصر والسلطة الفلسطينية ذاتها ثم الاردن، والامارات والبحرين. حينها لن يقدم لهم شئ.