في بلدي جيشان… الجيش الأول يحمي البلاد والعباد من عدو ظاهر غالباً… والجيش الثاني هو الجيش الأبيض، من اطباء وممرضين وعاملين في جميع الخدمات والمرافق الصحية، لمساء الأمس ودعنا ستة شهداء من الجيش الأبيض:
الشهيد الدكتور حميد ابو عبيله
الشهيد الدكتور وليد ابو الشعر
الشهيد الدكتور محمد الشرع
الشهيد الدكتور محمد الدويري
الشهيد الدكتور هيثم الخشمان
الشهيد الدكتور عباس منصور
رحمهم الله جميعا واسكنهم جنات النعيم… وآجرهم عنا جميعا.
نحزن لكل فقيد من أبناء الوطن، ولكن حزننا على الكوادر الطبية وبالذات الأطباء كبير وعميق، لأنهم خط الدفاع الأول عنا، ولأنهم يجازفون بأرواحهم من أجلنا، ولأنهم بشر مثلنا، لهم عائلات وأطفال، يحبونهم ويتشوقون للقائهم، ولكن ضمن إحتياطات الكورونا اللعين، يحجرون انفسهم ويبقون في غربة عن عائلاتهم لفترات طويله، وهم داخل الوطن.
قرأت اليوم ما كتبه أحد الأطباء (من وحي المناوبات والوباء… وإنت مصدق في كورونا..؟) وبكل صراحة تأثرت كثيرا لما كتب، لأنه يصف معاناته، وهي معاناة زملائه أيضاً، وكيف يواجه المرض، وشعوره وهو يرتدي ملابس الوقاية التي تشبه غرفة الساونا لفترات طويلة في مناوبته، وتعرضه للتعرق، وضيق النفس والصداع والإختلال في وظائف جسمه، وأحمرار يديه وتقرحها من كثرة إستخدام المعقمات، ونحن بالكاد نطيق ارتداء الكمامة لدقائق..! هذا في الجانب الجسدي، أما الجانب النفسي فلكم تخيل معاناة الطبيب، وهو يحاول إنقاذ أرواح مرضاه من فتك الوباء اللعين، والمواجهة مع عدو خفي، ومعاناة الأطباء وهم يودعون أرواحاً كل يوم، وألمهم الذاتي، في مواجهة صعبة لا بل مستحيلة أحيانا، ومعاناتهم النفسية من الإرهاق وقلة النوم، وعدم حصولهم على أوقات راحه كافيه، وبعدهم عن اهلهم واطفالهم ومحبيهم، وزد على ذلك، تهكم البعض وحديثهم (إنت مصدق في كورونا… وأنها مؤامره والأطباء شركاء بها)، أحاديث تطلق على عواهنها، تحبط المُحبط..!
ولايمكن للكلمات أن تصور معاناة الفرق الطبية والوبائية، فضمن المعطيات التي ذكرت،لا نستطيع إلا نقول؛ إنهم أبطال بكل معنى الكلمة، يعملون تحت شتى صنوف المعاناة، ومع ذلك يجازفون بأرواحهم ويتعرضون للعدوى ويموتون لأجلنا، فهل بعد بذل الروح عطاء..!
للجيش الأبيض أقول، سامحونا… بالله عليكم… أجزم اننا مقصرون معكم وبحقكم حكومةً وشعباً، ونعرف أنكم تعملون في ظروف غير مناسبة، وبمهمات وتجهيزات ليست بالمستوى دائما، لكنكم تفعلون المستحيل من أجلنا، فللحكومة أقول، ما تم إقتطاعه من العاملين في الدولة يجب أن يوجه حوافز للجيش الأبيض بجميع أفراده وخدماته، ويجب أن يتم تعيين مزيد من الأطباء والكوادر الصحية لتخفيف الضغط عن العاملين.
وماذا بعد… ؟ الشهادة أو النصر… فالنصر على المرض بطولتكم…وشهادتكم دونه، عطاء لا يدانيه عطاء، ولا يقدر على أجره إلا الله، فلا أقل من تعامل الدولة معكم شهداء واجب، وأنتم شهداء بإذن الله، لأنكم تضحون بأرواحكم من أجل حمايتنا وتنذرون أنفسكم في سبيل الله، ترتقي ارواحكم… أعزاء...نبلاء… لملاقاة بارئكم بجزيل عطاءكم وعظمة بذلكم لأرواحكم،
نحتسبكم عند الله من الأولياء والصديقين… ومثواكم الفردوس الأعلى بإذنه تعالى… .حمى الله الأردن.