الدكتور عديل الشرمان
عملية الشراء وبيع الأصوات تحتاج الى أدلة واثباتات، ويصعب في بعض الأحيان توفير هذه الأدلة، الهيئة المستقلة عملت بأقصى جهودها لضمان نزاهة الانتخابات، وأجهزة الأمن قامت بواجبها خير قيام وبحيادية تامة، ولا تخلو أية عملية انتخابية في كل دول العالم من بعض التجاوزات، وتبادل الاتهامات بالتزوير والتلاعب، ومعظمها في غير محله، وتهدف إلى التشويش على سير العملية، ونوع من التنافس المحموم، ومنها ما يعزى إلى تبرير الفشل ومحاولة اسقاطه على عوامل أخرى، فتقبل الخسارة تحتاج إلى درجة عالية من الرقي في الفكر والحكمة والروح العالية.
انتخابات هذا العام سارت بسلاسة إلى حد كبير بحسب التقارير والمراقبين، وملاحظات الناخبين، الاتهامات التي شابت هذه الانتخابات معظمها يتعلق ببيع وشراء الأصوات من قبل فئة قليلة من المرشحين، ويبدو أن لها ما يبررها بحسب الوقائع، وهي أحد اهم التحديات التي تتعرض لها عملية الانتخاب في الأردن، فما هي الحلول لوقف هذا التعدي الصارخ على القيم والمبادئ والأخلاق، ولماذا غياب الضمير، ولماذا نطالب الدولة بمزيد من الديمقراطية ونحن من يغتصبها مقابل حفنة من المال.
المال الأسود الذي يدفع لصاحب الوجه الأسود، من يد ملوثة، ليس وحده المشكلة، فهناك بضع لقيمات من الرز الأسود، والحلوى ذات الطعم المر التي يتجرعها البعض لتدخل الاجواف الفارغة، والوعود الكاذبة، والشعارات البراقة، وغيرها مما يروج له مرشحون غابت ضمائرهم، وناخبون رضوا على أنفسهم الانحدار والسقوط في مستنقع من الأوهام والأحلام، وانعدام الضمير والاحساس بالمسؤولية.
وفي كل مرة تجري فيها الانتخابات نجد أنفسنا أمام نفس الواقع، وكأننا أمام أمر محال أن يتم بغير هذا التلويث المتعمد لسير العملية الانتخابية، والذي يمارسه فئة من الناخبين والمرشحين على حد سواء، ليجد الجادون الجدد من المرشحين أصحاب الاستحقاق الطامحون في النزاهة والعدالة أنفسهم خارج مضمار السباق.
هذا الوضع يستدعي اعادة النظر بقانون الانتخاب ليكون قادرا على مواكبة هذه التحديات، والحد من التجاوزات التي تصاحب سير العملية الانتخابية، وبما يضمن حدودا عليا من النزاهة والشفافية، اضافة لذلك قد نجد في دراسة المقترح التالي حلا يمكن أن يساهم في الحد من عملية بيع وشراء الأصوات، ويتمثل بقيام المرشح حال قبول ترشيحه بحلف اليمين أمام الهيئة على كتاب الله بأن لا يبيع أو يشتري أصوات الناخبين، فيكون حلف اليمين قبل المشاركة بالانتخابات على أمر محدد، كما يقوم الناخب بمجرد دخوله قاعة التصويت وقبل أن يدلي بصوته بحلف اليمين على كتاب الله بأنه لم يبيع صوته مقابل المال أو أي عرض مادي، فمهما بلغ المرشح والناخب حد السوء فإن حلف اليمين يجعله يراجع حساباته على نحو جاد مع بعض الاستثناءات القليلة، لأن الوازع الديني يبقى الأقوى في مثل هذه الحالة. مجرد اقتراح والله من وراء القصد.