الحمد لله الذي وهبني صحبة كوكبة خيرة، تخرجن من مدرسة الوفاء التي لا تعرف غدرا ومنبع الصدق الذي لم يألف الكذب .. هن خير معين دافق يستقي منه المدلجون في ليالي البحث عن التميز والإبداع، ومنارات وضاءة تهتدي بها الحائرات، يتجسد فيهن طهر عائشة وعفة مريم، فما ضنن يوما عليّ بعارفة، فإذا كنت في القوم الطوال وعلوتهم ببارقة .. حتى يقال طويلة، فقد تقاصر طولي وتقازم أمام عظيم عرفانهن، ومحاسن جمائلهن.
فتلك أنهل منها الحكمة والمعرفة، وتلك أستمد منها العزة والإباء والشموخ والكبرياء، وهذه ما كانت إلا الحضن الدافئ الذي يقيني برد العاصفات ... وتلك كالريحانة في بستان روحي تعطر أنفاسي، ولوحة لا تحلو ولا تروق لعيني سواها ، إذ ليس في الدنيا أثقل من البر، لأنه من برّك فقد أوثقك ، ومن جفاك فقد أطلقك..
لقد اخترت أن أكون بائعة مسك، وأمتهن النبش في صفحات التاريخ، فركبت من أجل ذلك الخطر، ولم أرتض العيش في الحفر لأوقظ في النفوس ذكريات عابقة، وتاريخا ومواقف رجال أقحاح، وقادة أفذاذ وشهداء أخيار كاد يطويهم التناسي، وأعيد سيرهم جذلة، فأحيانا تتلاطمني العاتيات ... وأحيانا أخر تهوشني الضاريات..
لا أقول لكم إني بلغت الكمال، وأحطت بكل شيء علما، كلا، فذلك محال عليّ، فأنا الإنسانة الضعيفة التي كم تخطئ وكم تذنب، التي بحاجة لمزيد من المعرفة، ومزيد من التزكية لنفسي، والتطهير لقلبي، والصقل لعقلي.. ولا يهم كم مرة انهزمت أو سوف أُهزم أمام الجهلة الحاقدين، لأني أقدس الحق ولو جانبته مرارا، وأمقت الباطل ولو وقعت فيه تكرارا.
لقد وقعت في فخاخ الصقارين .. ونزفت وحيدة، وذرفت دموع قهر، وظُلمت وأخطأت وأصبت، لكني لم أتعمّد أبدا ظلما أو إساءة..
هذه السطور هي لزام عليّ، عرفانا بجزيل عطائهن اللامحدود ، فكيف للرغيف أن ينكر أمومته ، فهن سنابل في كل سنبلة مئة حبة، فيا أجمل عنوان في كتاب هذه الحياة، ويا أبهى خال في وجنة الأيام، سألت الله دوما لكن السلامة من كل أمر، والغنيمة من كل بر ، ومتعكن الله بوافر الصحة والمعافاة، وكل عام وأتن ترفلن بثوب الصحة والسؤدد.