أحسن صنعا التلفزيون الأردني أنه أعاد بثّ مسلسل " بير الطيّ" وهو من قصة الكاتب المبدع محمود الزيودي ومن إخراج بسام سعد عام ١٩٨٣، المسلسل يتحدث عن فترة الثمانينات وكأنه يعيد نفس قصة اليوم وهي معاناة الزراعة في الأردن ، ووضع المزارعين الذين أنطحنوا ما بين القروض التي إستلفوها ولم يستطيعوا سدادها ، وبين أسعار منتوجاتهم التي تباع بتراب المصاري ولا يحصلون ثمن صناديقها الفارغة ، ولا يستطيعون وقف جشع وسطاء السوق المركزي والكمسيونات والضرائب .
ظهر في مسلسل " بير الطيّ" أستاذ المدرسة والمزارع "محمود الفاضل" الذي قام بدوره الفنّان والمخرج حسن أبوشعيرة ، والذي كان يدرك هذا الوعي مبكرا ، وأن حال المزارع بالويل ، ومرهون لمكتب الوسيط " أبو لوفة" ، الذي يرتهن محصول الخضار مقابل أسعار بخيسة وسداد ديون لكل موسم ، وحاول " محمود الفاضل " الإنعتاق من سيطرة " أبولوفة" ، وقاد ثورة وعي يومها في مجتمعه .
نجح محمود الزيودي بعرض حال مشكلة الزراعة ، ومسلسله " بير الطيّ" هو إمتداد لسلسلة الأرض والإنسان الذي إرتبطت أعماله بها ، لذا كانت صيحة مبكّرة لم تصل آذان الحكومات ، والتي دمرت المزارع والزراعة، وجعلت صغار المزارعين في الغور يتركون مهنتهم مقابل وظيفة حكومية تدر دخلا ثابتا عليهم ، وحلّت العمالة الوافدة بدلا منهم .
قبل أيام سمعتُ وزير الزراعة محمد داودية يخرج على التلفزيون الأردني ويقول أن وزارته فشلت في إنقاذ الزراعة ، وهو تصريح جريء ومحبط ، وصادم أيضا ، وأن الأسعار تتهاوى في ضوء إغلاق الأسواق الخارجية ، وما زالت سيطرة الوسطاء على السوق المركزي ليست في صالح المزارعين .
ما بين عناء محمود الفاضل في بير الطيّ ، وبين نداء محمد داودية، تتهاوى الزراعة في بلدنا والمسافة بينهما أكثر من ٣٧ عاما ، والحال من بعضه .