أعترف أن كلمتك أيقظتْ بي كلّ الحب ، الحب لبلادنا التي أنجبتكَ ، وأحيت بي ولجيلي أن رجال الدولة ما زال فيهم بقية مثل عبدالكريم ، وسرتْ بي لغتك العالية كقشعريرة وطنية ، ومن اللغة ما يشبه الرصاص ، ومن اللغة ما يشبه الدمع والمطر في زمن القحط والجفاف ، كيف وإن كانت كلمتك قصيدة ممزوجة بالحزن والقهر على ما تبقّى من الوطنيين في بلادنا ونحن نحتفل بالمئوية الأولى لدولتنا البهيّة .
لم تكن كلمتك أمام النواب ثمّة كلام عابر لجلسة عابرة لحكومة عابرة لا تشبهنا بشيء ، وإنما سيرة ذاتية للأردنيين الذين قدموا الوجع العربي على وجعهم الأردني ، وفتحوا بيوتهم للعرب ، وإنتفضوا شهداء لفلسطين وللعراق ولسوريا ودمهم ما زال أخضرا وأضرحتهم ما زالت مزاراتا ومساجدا .
كان صوتك يا ابن عمي وابن دمي شامخا جريئا مثل سيف أبيك ، لم تكسرك المؤمرات ، ولم يثني ذراعك مؤسسة ، ولم تخضع لأمر موظف ، فهل ابن فيصل الدغمي يروض ويدّجن في عصر ترويض الرجال .
بكينا معك شعر حبيب الزيودي على " وطن لم يظل لنا فيه غير القبور " ، وطفت بنا مع سيرة حابس المجالي ووصفي التل وزمن الفرسان والسيوف والعسكرية ودروب الطيب ، وهم مثلك صنعوا وطنا بقبضات أصابعهم ، وحموا بصدورهم الوطن عندما فرّ أصحاب الولاءات المعروضة للبيع ، ولم تبقَ إلا العشائر تذود عن حماه ونادوا يومها : يا حسين حنا عزوتك ..
صرختك يجب أن لا تذهب ، وحريّ بهم أن يسمعوها ، والدولة عندما تغضب لا تأكل أولادها ،وإنما تتاجر برجالها ، لا تتبع الإنجليز في قتل خيولها ، وفرق كبير بين رجال الدولة وبين موظفي الحكومة ، رصيد الرجال الذي لا يشبه رصيد العملة الصعبة في زمن البانكرز .
وهم يذكرونك في مروج بلعما وفي حضرة الملك عام ٢٠١١ ، يومها ناديت وبنو حسن من خلفك : الشعب يريد أبو حسين ... وبقيتَ في صف الوطن الذي إنتفض الآخرين للييّ ذراعه ولكن خابوا ، وغيرك ولا يرقى لكتفك رتبة قاد المعتصمين فكوفئ بالمناصب .
سلام لصوتك العربي ، ولوجعك الأردني ، وسلام لوطن يكبر بأمثالك ، ما زال ينتج قمحا وشهداء وكرامة وفرسانا .