إنه لمن حُسن الطالع ونحن نحتفل ببدئ المؤية الثانية للدولة الأردنية أن نستمر بذكر شهداء من ساهموا في توطيد أركان هذه الدولة جنباً الي جنب خلف القيادة الهاشمية الحكيمة وعلى أسس متينة وقوية بمواقفهم المشرّفة وحرصهم على قوتها وبخالص انتماءهم وبولاءهم المطلق للقيادة والشعب فبذلوا الغالي والنفيس من أجل ذلك.... من هؤلا الشهيد البطل هزاع المجالي رئيس الوزراء الأردني الأسبق شهيد (الرئاسة) كما يطلق عليه الذي لن ينساه الأردنيون كما هو وصفي التل الذي الذي سار على نفس النهج والتحق به على نفس الطريق بعد أن كرّمه الله سبحانه وتعالي في الانظمام الي مواكب الشهداء..
هزاع المجالي رحمه الله علم ورمز وطني وحالة اردنية فريدة من نوعها سيبقى ذكره لدى الأردنيين شامخاً كشموخ جبال شيحان وقلعة الكرك مادام يُذكر الرجال وطالما نتحدث عن الشهداء الأبطال الذين روت دماءهم الزكية الطاهرة ثرى هذا الوطن ......
نشأ هزاع المجالي وترعرع على أرض تزخر ميادينها بالبطولات وتحقيق الانتصارات منذ معركة مؤتة وحطين مروراً برجالات ثورة العرب الكبرى الذين قدموا من الحجاز لتكتمل الصورة في أرض الحشد والرباط مع أبطال قلعة الكرك في جنوب الأردن حيث التاريخ العريق وما سطره سائد المعايطة ورفاقه.. حيث التأكيد على حمل الرسالة ذاتها من الأجداد الي الآباء والاحفاد..... سيرة ذاتية عطرة مليئة بالمحطات الخالدة لرجل من رجالات الوطن الأوفياء... احبه كل من عرفه وعرف تاريخه المجيد
درسَ هزاع المجالي الحقوقَ في دمشق ومارسَ المحاماةَ ثمَّ عُينَ رئيساً للتشريفاتِ في القصرِ الملكي عامَ ثمانيةٍ وأربعينَ ثمَّ رئيساً لبلدية عمان وعملَ نائباً للكرك في الدّورتينِ الثّالثةِ والرّابعةِ لمجلسِ النّوابِ الأردنيّ وتسلمَ العديدَ من المنّاصبِ الوزاريةِ وفي عام ١٩٥٥ شكَّلَ هزَّاع المجالي حكومتَهُ الأولى الَّتي لم تستمرَّ سوى ستَّةِ أيامٍ فقدّمَ استقالتَها استجابةً للشّارعِ الَّذي عُبّئَ بأفكارِ فئاتٍ لم تراعِ مصالحَ الوطن العليا واستمرَّ ثابتاً على مبادئِهِ شجاعاً في الدّفاعِ عن آرائِهِ حازماً إذا تعلَّقَ الأمرُ بالأردنِّ والاردنيين او التشكيك بمواقف.
شَكَّلَ حكومتَهُ الثّانية عامَ ١٩٥٩ وظلّ يعملُ بلا كللٍ ولا مللٍ و في يوم الاثنين التّاسعِ والعشرينَ من آب من عام ١٩٦٠ كان موعد لقاءه مع المواطنين كما هو معتاد في عهده من كل اسبوع وفي الطّابقِ الثّاني من مبنى رئاسةِ الوزراء الواقع في شارع السّلط ( موقع بناية البنك المركزي الآن) شقّ الصّمتَ دَويُّ انفجارٍ عنيفٍ وتبينَ أنَّ قنبلةً موقوتهً انفجرتْ في مكتبِ رئيسِ الوزراء كانت فعلة مشينة وخسة ونذالة ارتكتبها أيادي خائنة نفذتها عصابة من الإرهابيين والمأجورين من أعداء الأردن بسبب مواقفه العروبية والقومية
.... أدَّتْ هذه الجريمة النكراء إلى استشهادِهِ بعد أن ارتقت روحه الطاهرة إلى السماوات الُعلي وبعد ذلك بعشرينَ دقيقةً دوَّى انفجارٌ آخر في الطَّابقِ الأرضي نتيجةً لانفجارِ قنبلةٍ أخرى وذهبَ ضحيةَ الانفجارينِ اثنا عشرَ شخصاً وأُصِيبَ واحدٌ وأربعونَ آخرونَ في هذه الفاجعة النكراء....
لقد كان نبأ استشهاده لدى الشعب الأردني وعلى رأسهم الملك الراحل العظيم الحسين بن طلال طيب الله ثراه صادماً لما له من مكانة كبيرة في أوساط المجتمع الأردني ولدي جلالة الملك الحسين طيب ثراه سيبقى هزاع المجالي رمز من رموز التاريخ الحديث لنشوء الدولة وهو الغائب الحاضر في وجدان الأردنيين ..رحمه الله واسكنه فسيح جنانه