يعيش البعض وفي مخيلتهم طموح صعب المنال لدرجة الوهم، وذلك لعدم المواءمة بين قدراتهم وتطلعاتهم أو لظروفهم أو مسيرتهم أو تاريخهم، أو لعدم الواقعية في الطرح وكأن أحلامهم وتطلعاتهم تجافي الحقائق، ولهذا فالهوّة بين تطلعاتهم وقدراتهم شاسعة لدرجة أنها تؤثر على سلوكياتهم اليومية فيعيشون الشوزوفرينيا وأحلام اليقظة؛ وهذا الوهم يشكّل خيال غير واقعي لهؤلاء الناس:
1. من حق الناس أن تحلم لكن دون أن يكون ذلك الحلم وهماً لا يمكن أن يتحقق؛ فالواقعية ومعرفة القدرة الشخصية للفرد تقتضي الصدقيّة مع النفس دونما قفز في الظلام.
2. البعض يعيش على أمل تحقيق مراد كبير وبالمحصلة يخسر مراده الكبير وحتى الصغير الذي لم يلتفت إليه؛ فعصفور باليد خير من عشرة على الشجرة؛ وقليل دائم خير من كثير منقطع.
3. الواقعية في الحياة تقتضي أن نؤمن بأن الحقيقة شيء ملموس بيد أن الوهم هو سراب بقيعة؛ فما يمتلكه الإنسان هو الواقع والحقيقة؛ بيد أن الشيء الذي في الأحلام والطموح ربما يتحقق وربما لا يتحقق والفيصل في ذلك إستراتيجيتنا للعمل وخطتنا التنفيذية وصدقيتها.
4. قصص النجاح في الحياة أساسها الطموح القابل للتطبيق، لكن مُحبِطها الوهم والخزعبلات؛ فالأوهام لا تصنع مستقبل مشرق لا بل تحبط أصحابها وتؤول بهم لنتائج غير واقعية وتؤدي أحياناً للهلاك.
5. الوهم مرض روحاني وتفكير سلبي خطير ربما يقضي على صاحبه، ومطلوب التخلّص منه بشتّى الوسائل؛ وكثير من الناس الذين يحلمون كثيراً يترسّخ لديهم المرض ويبدأوا بالأوهام والكذب على الناس وحتى على أنفسهم.
6. البعض يستخدم أوهامه لإيهام مَنْ حوله بأنه قادر أو مهم أو واصل أو متنفّذ أو موعود بمنصب الخ، وذلك للفت الأنظار إليه، وهذا قمّة الأمراض الإجتماعية والنفسية؛ وفِي ذلك حُبّ للكِبَر دون واقعية وحقيقة وهذا قمّة المرض.
7. كثيرون يعيشون أوهاماً في العلاقات الإنسانية أو الأوضاع المالية أو الوظائف أو الشهادات وغيرها؛ وللأسف هذه الأوهام في معظم الأحيان لا تتحقق؛ فالفرق بين الوهم الزائف والطموح المشروع والمدعوم بالتنافسية شاسع جداً.
8. السعادة والقناعة تكون بالواقعية وكشف الحقيقة حتى ولو كانت مُرّة، بيد أن الشقاء والقلق يكونان بالأوهام؛ فلذلك من يدرك الحقيقة والواقعية مرتاح الضمير؛ بيد أن أصحاب الأوهام قلقون ويعيشون صراعاً مع النفس.
بصراحة: الوهم آفة عصريّة عند البعض من المتسلقين والذين يسعون للوصول بأي ثمن، والوهم شطحات خيالية غير واقعية وغير مقنعة للنفس والآخرين، والمطلوب إظهار الحقيقة حتى ولو تَجْرَح أو تُحرِج، كذلك مطلوب البعد عن الخيال والأوهام والقرب من الواقع بقدر ما نستطيع لأن في ذلك الراحة النفسية ورضا الضمير.