لعل من أهم المشكلات التي تواجهنا ونحن نعيش تجربة التعلم عن بعد ، بعد أن خيّمت جائحة كورونا على مناحي الحياة كاملة ، فكان القطاع التعليمي الأكثر تأثرا بتبعات هذه الجائحة ،
ولكن كيف علينا ان نزرع في نفوس أبنائنا الطلبة الدافعية للتعلم عن بعد ؟؟؟
ما يتوجب علينا هو أن نتأكد من سلامة ثلاثة محاور أساسية ؛ وهي المعلم، الطالب و الوسيلة الإلكترونية المستخدمة.
وهذا يجعلنا نستعيد خبرتنا في التعلم الوجاهي ونستفيد من مخزوننا التربوي في تشخيص أركان التعليم الناجح، الذي يتطلب وجود معلم متحفز و طالب متشوق للتعلم من خلال وجود وسيلة مناسبة ، لكن يبدو أن جائحة كرورنا قد ألقت بظلالها على هذه العناصر الثلاثة جميعاً في عملية التعلم بشكل أو بآخر.
فإذا ما نظرنا للمعلم فلربما نجد أن بعض المعلمين يمتلك توجهات سلبية مسبقة عن التعليم الإلكتروني وجدواه او أهميته ، فالبعض منهم يعتبرونه مضيعة للوقت أو وسيلة غير آمنة لإيصال المادة الدراسية أو وسيلة لا يمكن أن يعتمد عليها ، لذلك فهذه المؤشرات ستنعكس حتماً على طريقة التعامل مع المنصة التعليمية الإلكترونية كمنصة درسك وطرق التدريس وحماس المعلم للتفاعل معها ، ولهذا فمن المنطقي أن نقول بأننا نحتاج الى معلم جيد ومتحفز لتوظيف التقنية واستخدامها لينعكس أثره على طلابه ، بالاستثمار الأمثل لمنصات التعليم وليس من المبالغة أن نقول أن المعلم الناجح في التعليم الحضوري سيظل ناجح في التعليم عنوبعد بغض النظر عن الظروف والوسائل المستخدمة مهما كانت، لكن وفي ظل هذه الظروف فان المشكلة السلبية التي توجه المعلمين هي قلة خبرتهم في التعامل مع المنصات الإلكترونية ، والتعليم الإلكتروني ، بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التربية والتعليم نحو تهيئة المعلمين لاسخدام التعليم عن بعد من خلال منصة درسك ولكن تبقى القضية قضية نفسية أولاً وانطباعات المعلمين أمر حاسم في هذا الموضوع.
فقد نجد معلما يمتلك المعرفة والكيفية حول توظيف المنصة ولكنه يفتقد للدافعية التي تمكنه من العمل القويم .
ان الظروف التي تمر علينا تدفع بالمعلمين لمزيد من المثابرة والجهد كي يبقوا على تواصل مباشر وقريب من الطلاب عبر الوسائل المتاحة وخاصة منصة درسك ، حيث أن ذلك سيشعرهم بالجو المشابه للصف الحضوري ، وهذا بالفعل يسوقنا الى القول ان نجاح عملية التعليم يبدأ من المعلم .
أما عن دافعية الطالب لهذا النوع من التعليم ، فذلك يجعلنا نحدد عنصرين هامين وهما ، من يتابع الطالب عبر المنصة الإلكترونية، والثاني فمتعلق بالطالب نفسه.
لكن قد يكون الطالب ضحية لتوجهات معلمه أو ولي امره وقناعاتهم السلبية حول التعليم عن بعد أو ضعف كفاءتهم في التعامل مع التقنيات الرقمية ، وإما ان الطالب نفسه لا يمتلك ذلك، لذلك يجب عليه هو الآخر أن يتحلى بالإيجابية حول استخدام التقنية في التعلم والتعليم عن بعد ، وفي الواقع فإن التعليم عن بعد عبر المنصة يضع عملية التعلم في مرمى الطالب بشكل كبير ، فالطالب مسؤول عن تعلمه وتنفيذ المهام ويمتلك زمام الأمور في الوقت والمكان ضمن صلاحيات تفوق تلك المتوفرة في التعلم الحضوري ، فهو يمتلك خيار الدخول للمنصة عبر الوسيلة المتاحة ، ولهذا فإن الانضباط الذاتي للطالب مطلوب وبشدة في هذا السياق، فالطالب الذي كان مهتما ومتفاعلا في التعليم الحضوري سيظل مهتماً وإيجابياً في لتعليم الإلكتروني عن بعد ، أو في أي ظرف آخر ، لذلك نحتاج الى تعزيز ثقافة الطالب ، وعلى الطالب أن يضبط نفسه و وقته ويحدد برنامجه اليومي بشكل جيد يضمن معه استمرار التعلم التفاعلي الإيجابي الذي يمكنه من متابعة دراسة عبر المنصة وحسب البرنامج المعد من الوزارة
أما حين نتحدث عن الوسيلة التي يتم من خلالها التعلم عن بعد ، حيث التفاوت في توفر الانترنت في بعض المناطق ولكن ليس بالدرجة التي تتوقف معها عملية التعلم ، لذلك فان وزارة التربية والتعليم هيأت منصتها الإكترونية بشكل جديد لإيصال المنهج التعليمي عن بعد، كما أنها تبنّت أنظمة معينة لتكون خيارها الافتراضي وأعدت كوادر متخصصة للتعامل معها ، لكن يبقى دافعية الطلاب وتحفيز التعلم هي الأساس ، كما ويبقى الرهان على المعلمين والطلاب في التوظيف الأمثل والتقبل الافضل دونما إرباك ، فقد كان الأمر لبعض المعلمين مشكلة في التعامل مع التعليم عن بعد، ممايحتاج إلى وقت كافٍ للتدريب المستمر والممارسة قبل أن يبدأ بالفعل في التعامل مع هذه المنصة ، ويبدو أن التحول السريع قد أربك بعض المعلمين، ولكن المشاهَد أن سرعة التكيّف والتأقلم مع هذه المنصات أمر مشهود ومحمود لدى الكثير من المعلمين، ونتطلع إلى أن يبدع المعلمون أكثر وأكثر في تحقيق قصص نجاح متميزة ضمن نواتج التعلم المطلوبة لنأمل استمرارية التعلم عن بعد حتى بعد أن تنتهي أزمة كورونا ، بعد أن تجد المؤسسات التعليمية مفعول جدوى هذه المنصات وتوفيرها للوقت والجهد ، يحتاج دائماً بأن يستعدوا ويضعوا توقعاتهم للمستقبل التعليمي وتهيئه أنفسهم لتمكين التقنية على الوجه الأمثل وعدم انتظار الأزمات لتجبرنا على التحول ولكن ليصبح هذا النوع من التعليم جزء لا يتجزأ من حياتنا المدرسية التعلمية