حين الحديث عن ابو سطام حابس باشا المجالي ، فاننا نتحدث عن وطن وتاريخ ومواقف وشجاعة وصمود وتضحيات . فسيرته هي سيرة الاحتراف والاخلاص والنزاهة والترفع عن الدنايا ،
حابس باشا قائد امتاز بالمعنويات والثبات والثقة ، في كل معاركه كان الشجاع الذي يبعث في جنده الشجاعة والصمود والثقة ، والجيش دائما نصف سلاحه هو المعنويات وربع سلاحه هي الثقة في القائد ، وهكذا كان حابس باشا في حرب فلسطين 48 في باب الواد واللطرون بصمود اسطوري في وجه العدو على مدى اربعة معارك متتالية صعبة ،ولكنها تحطمت عند صمود الكتيبة الرابعة " الرابحة " وحطم آمال العدو في الوصول الى القدس فكان استسلام اليهود واخذهم اسرى ..
حابس باشا كان قائد المهمات الصعبة وهو يتمثل النخوة الاردنية ويدرك شهامة الجندي الاردني ، وتجلى ذلك في انقاذ الاردن من مخطط السبعين الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية قبل تحطيم الاردن ، فكان حابس ذلك الرمح الاردني الذي مزق كل اشكال التآمر التي حاكتها دول باسم فلسطين ،وفلسطين براء مما حاكوا .
وحين تحرك اللواء المدرع الاربعين الى الجولان للقتال من أجل امة العرب وفلسطين ، وكان حابس باشا هو القائد العام للقوات المسلحة الاردنية ، ارسل برسالة الى العميد خالد هجهوج قائد اللواء يحثه على الاستبسال والصمود باسم العشيرة والوطن مذكرا بالمجد للاردن وأهله .
قصص كثيرة تُروى عن حابس المجالي محورها الفروسية والعفة والعزة النفسية والكرم والتقدير ، ليس أدل من تكريم معلم مدرسة كان حابس باشا احد تلاميذه عندما حضر المعلم الى القيادة لمقابلة حابس باشا لشأن تجنيد ابنه في الجيش ، وما ان علم حابس باشا حتى طلب استقباله بقطعة منتظرة وبمراسم تقدير لمعلمه الكبير ، وتفاجأ المعلم " اعتقد اسمه محمد البوريني " بهذا الاستقبال ، والتقى حابس باشا معه بتقدير واحترام لقيمة المعلم .
حابس باشا الذي كان يرفض الظهور الاعلامي ، وكان يقول "افعالي هي التي تتحدث عني "، والذي رفض مصافحة اليهود في حفل اتفاقية السلام ، وكان في الاصل قد رفض الحضور ، فارسل الملك الحسين طيب الله ثراه شخصية كبيرة للتوسط عند حابس لحضور الحفل ، وعندما طلب ذلك الوسيط الكبير من حابس باشا لحضور الحفل اجابه حابس : ويش اقول لسويلم وفناطل ومسهوج ، فقال الوسيط من هم هؤلاء ،اجاب حابس : هؤلاء قاتلوا معي في فلسطين وضحوا من اجل العرب والاردن وفلسطين ، وبعد جدال وبناء على طلب الحسين طيب الله ثراه وافق حابس الحضور بشرط ان لا يصافح يهوديا واحدا ، وكان لحابس مقعدان في الحفل كقائد للجيش والاخر كعضو في مجلس الاعيان .
يرحل حابس باشا يرحمه الله ، ولعل من آخر كلماته حين زاره جلالة الملك عبدالله الثاني في المستشفى ، سأله جلالة الملك : ماذا توصي يا باشا ،؟ فكان جواب الباشا : اوصيك بالاردن وهذه العبارة تختزل سيرة حابس باشا الوطنية وهدفه من التضحيات والصمود التي هي من اجل الحفاظ على الاردن ، والاردن عند حابس باشا العنوان والهدف والقيمة والنوماس وزينة الدنيا .