كلمة فخامة/ إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، رئيس حركة عدم الإنحياز في الإفتتاح الرسمي للإجتماع رفيع المستوى عبر الإتصال المرئي
الرئيس فوتشيتش المحترم،
السادة والسادات.
بالدرجة الأولى، أتقدم بشكري الى فخامة الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش على إستضافة الإجتماع رفيع المستوى المكرس لليوبيل الستين لحركة عدم الإنحياز، حيث تظهر هذه المبادرة وفاء صربيا لتراثها التاريخي ومبادئ حركة عدم الإنحياز.
إن حركة عدم الإنحياز، تلعب منذ تأسيسها في عام 1961 دورا هاما على الساحة الدولية من خلال مساعيها من أجل السلم والعدالة والتضامن العالمي.
تُعتبر حركة عدم الإنحياز التي تحتل مرتبة ثانية بعد الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة من حيث عدد الدول الأعضاء، والتي تضم 120 دولة ذات الإنتماء التاريخي والسياسي والثقافي المتباين من المناطق المتفاوتة، تعتبر نموذجا حقيقيا لتعددية الأطراف.
إن مبادئ باندونغ المتضمنة للمبادئ مثل إحترام السيادة ووحدة أراض والتخلي عن الأعمال العدوانية وعدم التدخل في شؤون الآخرين، تأتي في أساس حركة عدم الإنحياز. وتظل هذه المبادئ هامة وذات الشأن في العلاقات الدولية الحديثة. وإذا تمسكت جميع الدول بمادئ باندونغ، فلم نشهد الحروب والصراعات عبر العالم.
إن إنتهاك وحدة أراضي الدول بقوة أمر مرفوض تماما. تدعم أذربيجان مبادئ سيادة الدول ووحدة أراضيها.
لقد قررت أذربيجان في عام 2011 الإنضمام الى أسرة حركة عدم الإنحياز بهدف الإسهام في تقوية السلم والأمن والقانون الدولي والعدالة، حيث كسبت أذربيجان خلال فترة وجيزة إحتراما وثقة كبيرة بين أعضاء الحركة وأجمع قادة الدول على إختيارها في عام 2016 رئيس حركة عدم الإنحياز لفترة ما بين 2019-2022.
قد أكدتُ أثناء القمة الثامنة عشرة لحركة عدم الإنحياز التي إستضافتها باكو في عام 2019 أن أذربيجان، ستبني الأولويات وعملها خلال الرئاسة على أساس مبادئ باندونغ وستدافع بحزم عن العدالة وأحكام القانون الدولي. وتمارس أذربيجان السياسة الداخلية والخارجية بشكل مستقل وتحيّد بصورة فعالة كل محاولات التدخل في شؤونها الداخلية.
لقد تعاملت أذربيجان مع رئاستها للحركة في غضون جائحة فيروس كوفيد-19 التي كان العالم يتعرض لها في مطلع عام 2020 وقامت بالمساعي الجادة نحو رد حثيث ومتناسب على التهديدات المتأتية من الجائحة. إذ أنها تقدمت بعدد من المبادرات لغاية تعبئة المساعي العالمية لمجابهة الجائحة ومنها مبادرة عقد القمة الإفتراضية لرؤساء الدول والحكومات لحركة عدم الإنحياز في شهر مايو من عام 2020 التي نظمناها، حيث أخرجت هذه القمة بنتيجة عملية متمثلة في بناء قاعدة المعلومات التي تحتوي على الحاجات الإنسانية والطبية الرئيسية للدول الأعضاء. وتستخدم منظمة الصحة العالمية قاعدة المعلومات ذاتها بإعتبارها مصدر الإعتماد في تلبية الإحتياجات القائمة للدول الأعضاء في مكافحة الجائحة.
ما عدا ذلك، فقد طرحتُ أثناء القمة إقتراحا دعمته لاحقا 150 دولة بشأن عقد الجسلة الخاصة للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة حول محاربة فيروس كورونا على مستوى رؤساء الدول والحكومات. وتمت في شهر ديسمبر عام 2020. وكذلك قد قدمت أذربيجان مساهمة مالية طوعية قدرها 10 ملايين دولار أمريكي، حيث ذهب نصفها الى الدول الأعضاء في الحركة كمساعدة مباشرة. الى جانب ذلك، أرسلنا المساعدات الإنسانية وقدمنا دعما ماليا الى أكثر من 30 دولة ومن بينها الدول الأعضاء في الحركة وذلك بهدف تأييد مواجهة كورونا. كما تبرعت أذربيجان 150 الف جرعة لقاح ل4 دول دون مقابل.
وتظل أذربيجان تستمر في الإعراب جليا عن إستياءها تجاه "قومية اللقاح" وشراء الدولة الغنية للقاحات بالكميات أكثر مما تحتاج اليها. وتحرم مثل هذه الأفعال الدول الأعضاء في حركة عدم الإنحياز من فرصة حماية سكانها. الفرق في الوصول الى اللقاحات شاسع. وبحسب التقارير الدولية، فإن 75% من الجرع المتوفرة في العالم، تشتريها 10 دول ثرية، في حين عملية التطعيم في الدول ذات الدخل المنخفض، تشتمل إلا على أقل من 2% من سكانها.
لقد أقر مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة في شهر مارس من العام الحالي قرارا يقضي بتوفير وصول متكافئ وشامل للقاحات وذلك تلبية للمبادرة الأذربيجانية نيابة عن حركة عدم الإنحياز. ونخطط لعرض مشروع قرار ذي صلة بنفس الموضوع على الجلسة الجارية للجمعية العامة للأمم المتحدة ونعتمد على تأييدكم.
السادة والسادات. مما يؤسف له أن فرض إزدواجية المعايير والتعامل الإنتقائي إزاء أحكام القانون الدولي وقرارات المنظمات الدولية، يؤثر سلبيا على حل عادل للنزاعات حول العالم. قد تعرضت أذربيجان هي الأخرى للتعامل الإنتقائي على إمتداد 30 عاما ماضيا.
وإستخداما من المعايير المزدوجة التي تعيث في العلاقات الدولية، قد إستطاعت ارمينيا أن تحتل 20% من الأراضي الأذربيجانية على مدى نحو 30 عاما، مخترقة أحكام ومبادئ القانون الدولي بشكل صارخ. وقامت بالتطهير العرقي بحق الأذربيجانيين سواء في أرضها أو الأراضي الأذربيجانية. وخلفت مذبحة خوجالي التي إرتكبتها ارمينيا في شهر فبراير من عام 1992 مقتل مئآت المدنيين، بما فيهم 106 إمرأة و63 طفلا وإنتهكت حقوق الإنسان الأساسية مع حق عودة أزيد من مليون لاجئ ومشرد الى بيوتهم الأصلية.
غير أنه لم يتم فرض العقوبات على ارمينيا على الرغم من أنها قامت بالعدوان العسكري ورفضت تنفيذ 4 قرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي والتي طالبت بالإنسحاب الفوري والكامل ودون شرط للقوات المسلحة الارمنية من الأراضي الأذربيجانية المحتلة. وتم التعامل مع الدولة المعتدية والدولة المتعرضة للإحتلال بقدر متساو، الأمر الذي وفر الأرضية كي تعزز ارمينيا الإحتلال وتمارس جرائم الحرب والتوطين غير المشروع وتستغل ثرواتنا الطبيعية بصورة غير قانونية وتدمر التراث الثقافي والديني للشعب الأذربيجاني.
وتشجعا من حالة عدم العقاب، ذهبت ارمينيا أبعد وأصبحت تهدد أذربيجان بحرب جديدة من أجل أراض جديدة وباتت تلجأ الى الإستفزازات العسكرية الكبيرة على طول إمتداد الحدود الدولية وخط التماس السابق، مما أدى الى الهجوم واسع النطاق ضد أذربيجان في 27 سبتمبر عام 2020. وردا عليه، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية الهجوم المضاد على أراضينا وحرر أراضينا المحتلة.
لقد أُرغِمت ارمينيا التي خسرت بالكامل جراء الحرب الوطنية التي إستمر 44 يوما على توقيع وثيقة الإستسلام في 10 نوفمبر عام 2020، وبالتالي، ضمنت أذربيجان تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي أشرت اليها وأنهت صراعا دام 30 عاما وإستعادت وحدة أراضيها والعدالة التاريخية بطرق عسكرية-سياسية. وأضحى صراع قره باغ الجبلية شيءً من الماضي.
نود أن نشدد على تقديرنا العالي لدعم متواصل من الدول الأعضاء في حركة عدم الإنحياز تجاه وحدة تراب أذربيجان وسيادتها. ويحمل تأييد 7 دول من الأعضاء في حركة عدم الإنحياز والتي تشارك في العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي لصالحنا خلال الحرب الوطنية، يحمل أهمية بالغة. إذ أنها عرقلت إصدار البيان الصحفي إحادي الجانب الذي يرفض الإستناد على قرارات مجلس الأمن الدولي عن عام 1993، وبالتالي، عرضت هذه الدول وفاء متينا لموقف الحركة المبدئي النابع من مستنداتها.
لقد تعمدت ارمينيا أيام إحتلال الأراضي الأذربيجانية هدم المدن والقرى، ودمرت الآثار الثقافية والدينية برمتها. وهكذا قصدت ارمينيا طمس أثر الشعب الأذربيجاني الذي عاش في تلك الأراضي عبر القرون.
السادة والسادات. لقد أجمعت الدول الأعضاء في الحركة في هذه السنة على تمديد فترة رئاسة أذربيجان لعام جديد لتختتم في نهاية عام 2023 . هذا ما نعتبره تقييما عاليا لرئاسة أذربيجان الناجحة والمجدية. وستتواصل أذربيجان عملها حتى فيما بعد صوب ترسيخ التضامن في إطار حركة عدم الإنحياز والإرتقاء بثقلها السياسي ونفوذها العالمي.
لقد عرضنا على حركة عدم الإنحياز عقد جلسة رفيعة المستوى للدول الأعضاء في الحركة لغاية إجراء تبادل الآراء وبلورة موقفها خلال فترة ما بعد كوفيد-19.
ونرى مناسبا تشجيع حركة عدم الإنحياز لإقتراح إنشاء هيأة رفيعة المستوى لدى الأمم المتحدة المعنية بالتعافي العالمي بعد كوفيد-19.
وتتخذ أذربيجان الخطوات المتصلة بتطوير التعاون بين الهيآت التشريعية لدى الدول الأعضاء في حركة عدم الإنحياز. وقبل الأسبوع، عقدت أذربيجان بصفتها رئيسا جلسة تأسيسية لشبكة الشباب التابعة للحركة. وأقترح أن تلقي الدول الأعضاء في الحركة النظر في فكرة مأسسة. وسوف تستعلم أذربيجان مواقف الدول الأعضاء في هذا الأمر أثناء المشاورات معها بصفتها رئيسا للحركة.
في الختام، أود أن أؤكد لكم أن أذربيجان كرئيس حركة عدم الإنحياز، لن تألو جهدا في المزيد من تقوية دور الحركة في معالجة التحديات العالمية في العلاقات الدولية، فضلا عن الدفاع عن العدالة والقانون الدولي والمصالح الشرعية للدول الأعضاء في حركة عدم الإنحياز.