مرحلة الشباب تعد ربيع العمر ومرحلة ذهبية للإستمتاع بالحياة، ولكن أغلب الشباب اليوم لا يشعرون بميزات عمرهم، ويسيطر عليهم التشاؤم والإحباط ، وتسرق من شفاههم البسمة، ولا ترتسم على ملامحهم غير الكآبة والإحباط، التي تعكس ما يتملكهم من خوف وتشاؤم من كل شيء يحيط بهم.
الشباب هم أكثر الفئات التي تتعرض للإحباط النفسي نتيجة التغيرات الفسيولوجية والنفسية لهذه المرحلة من العمر، فهم يتمتعون بطاقة هائلة تدفعهم دائما لخوض التجارب والمغامرات، وفي كثير من الأحيان تنقصهم الحنكة والفطنه والخبرة الحياتية التي تجعل تجاربهم أكثر نضجا، كما ونجدهم أيضا يفتقرون بشكل نسبي للواقعية والموضوعية، بل ويمتازون بالخيال المفرط والوهم الكاذب مما يجعلهم معرضين بشكل كبير للإحباط النفسي.
إنّ الاحباط عبارة عن خيبة أمل تصيب الشباب نتيجة عدم تحقيق الأهداف المتوقعه من أي عمل يقومون به، وقد يكون الاحباط فعلياً أو مجرد وهم لا أساس له من الصحة في حياة الشاب ، ويمكن توضيح ذلك بأن يحدث أي عائق أو تحدي فعلي أمام الشاب حال دون الوصول إلى الهدف المتوقع، وبالجانب الآخر فقد يتصور الشاب ويتوهم حدوث هذا العائق وعدم امكانية الوصول إلى الهدف بدون أن يحدث أي شيء فعلي على أرض الواقع وتكون هنا بمثابه خيالات وأحلام كاذبة يعيشها الشاب.
تختلف درجة الإحباط حسب شخصية كل شاب، كما انّها تختلف أيضاً حسب رؤيته وتصوره للهدف الذي يريد تحقيقه، فالشخصية التي ترتب كل شيء بدقة وتدرس كل خطوة وتخطط جيِّداً تصاب بالإحباط النفسي بدرجة أعلى من الشخصية التي تتميز بالعشوائية والتي تقدم على أي خطوة دون دراسة أو حساب ولا تعنيها النتيجة، بقدر ما يعنيها المظاهر المزيفة، وجذب انتباه الآخرين، فالشخصية الأولى تصاب بالاحباط أيضاً بدرجة أعلى من الشخصية التي تندفع وراء الآمال الكبيرة بشيء من الطاقة الزائدة غير المحسوبة أوالخطوات غير المرتبه، في أكثر من إتجاه مع الشعور بالكبرياء والعظمة ولا يهمهم كثيراً اتمام أي خطوة إلى نهايتها أو الوصول الحقيقي إلى الهدف المنشود.
فهناك أسباب مهمه للشعور بالاحباط النفسي لدى الشباب منها:
أولاً: عدم موائمة الآمال الكبيرة التي يتمنون تحقيقها مع قدراتهم وامكاناتهم الضعيفة.
ثانياً: الصراعات النفسية الكثيرةعندهم ، حيث يجد نفسه محصوراً في دائرة الإختيار الإجباري بين أهداف كثيرة وكلها متقاربة أو شبه متساوية في مستواها.
ثالثاً: عدم تحديد ما يسمى بالأهداف المرحلية والتي تعمل على إيصال الفرد في مجموعها إلى الهدف النهائي، حيث يفتقد الشاب القدرة اللازمة لعدم وصوله لدرجة النضج النفسي والعقلي.
إن أهمية الأهداف المرحلية تكمن في تخفيف العبء النفسي والجهد والطاقة اللازمة لتحقيق الهدف النهائي، و التي تجنب شبابنا كل مخاطر الإحباط النفسي والشعور بخيبة الأمل، فلابدّ من حثهم على التروي ودراسة خطواتهم ضمن امكانياتهم، إضافة إلى ذلك التحديد الواقعي للهدف المنشود بموضوعية بعيدا عن الخيال والأوهام والتصورات الغير محققه، وتوجيههم إلى محاولة تقسيم الوصول إلى أهدافهم مرحلياً، والإهتمام بدراسة أبعاد تفكيرهم، ومعرفة القدرات والامكانيات لديهم بشكل فعلي وحقيقي، والاستعانة بأصحاب الخبرات للوصول إلى الحل السليم الذي يحقق هذه الأهداف مستقبلا.
وإن من أهم أسباب النظرة السوداوية للشباب خصوصا في ضل ارتفاع نسب البطالة، وعدم توفر أفق مهنية واضحة، بالإضافة إلى إقصاؤهم من المواقع القيادية وصنع القرار وعدم السماح لهم بممارسة حقوقهم النقابية، وكل هذه الأسباب تحول دون إدماج طموح الشباب في الحقل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
رسالتي لكم أن الشباب يمثلون مصدر الطاقة الاجتماعية التي تستطيع تغيير الواقع المؤلم بكل حيثياته، فيجب أن يكون هناك إيمان حقيقي بهم ومنحهم الفرصة الحقيقية وليست الشكليه التي تمنحها لهم الجهات والهيئات التي تصف نفسها أنها مؤتمنه عليهم وعلى برامجهم وهي السبب الرئيسي في إحباطهم.