يأتي شهر رمضان الفضيل ويحمل معه عادات وموروثات، ربما لا توجد في الشهور الأخرى. وعن مشروبات رمضان المميزة يأتي مشروب "السوبيا" في صدارة المشروبات الرمضانية المطلوبة والمحببة إلى الجميع.. فما قصتها.
في رواية حققها ابن الأثير، فإن السوبيا معروفة بهذا الاسم منذ القدم؛ فقد جاء في (النهاية في غريب الحديث والأثر) في حديث ابن عمر ذكر "السوبية"، وهي بضم السين وكسر الباء الموحدة وبعدها ياء تحتها نقطتان، على أنها شراب معروف، يُصنع من الحنطة، وكثيرًا ما يشربه أهل مصر.
وتاريخيًّا ظهر مشروب السوبيا في أواخر الدولة الأيوبية وبداية عصر المماليك، أي منذ ما يقرب من 800 عام، وتم اختراعه في شدة الأوضاع الاقتصادية في ذلك الوقت؛ إذ كان بيت المال لا يكفى الفقراء والمحتاجين، وكانت حينها حصة الفرد من الدقيق تقل، وتزيد حصة السمن والسكر والأرز، وكانت الهند تدعم الدولة بثمار جوز الهند والتوابل؛ وهنا تمت لأول مرة صناعة السوبيا؛ فقد كان يتم تحضيرها بالقليل من الدقيق الأبيض وجوز الهند والسكر والماء.
وانتقل مشروب "السوبيا" إلى الحجاز، خاصة جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وحملت اللمسة السعودية؛ إذ صُنعت من الشعير أو الخبز المجفف أو الشوفان أو الزبيب، وتُضاف لهذه المكونات بعد تصفيتها مقادير من السكر وحب الهال والقرفة، وتخلط جميعها بمقادير متناسبة، ويُضاف لها الثلج، وتُقدَّم بألوان مختلفة، أبرزها اللون الأبيض الذي يحمل لون الشعير، والأحمر الذي يقدم بنكهة الفراولة، والبني بالتمر الهندي.
أما المصريون فيصنعونها من اللبن والماء المثلج وجوز الهند والفانيليا، وتكون في العادة بلون أبيض، ثم انتقلت إلى بعض الدول العربية، ويُضاف إليها لون طبيعي؛ لكي يعطيها لونًا آخر. ويضاف على مشروب السوبيا الكركديه والزبيب لتصبح حمراء اللون، وتتم صناعتها بعد تصفية منقوع الشعير، ويُضاف إليها الهيل والقرفة، ثم تُصفى، ويضاف لها السكر، وتغلف، ويتم تبريدها.