لماذا يأكل أحد الأشخاص ما يحلو له ويستهلك كثيرا من الطعام من دون أن يزداد وزنه؟ بل يبدو نحيفا. في المقابل، يضع شخص آخر كثيرا من الضوابط على طعامه وإذا خالفها وأكل قطعة صغيرة من البسكويت يزداد وزنه سريعا.
أمر غير عادل، ويصدم كثيرا من الساعين للبحث في أسبابه، بخاصة أن الادعاء بأن "النحيفين الذين يأكلون ويتمتعون بوزن صحي لديهم عملية أيض أسرع من الآخرين" ثبت أنه خطأ. إذن، لماذا يأكل بعض الأشخاص ما يحلو لهم من الطعام ولا تزداد أوزانهم؟ ولماذا يأكل آخرون طعاما صحيا وتزداد أوزانهم؟
الوراثة
كثير من الدراسات والأبحاث العلمية أشارت إلى مسؤولية الجينات في زيادة الوزن، باعتبارها عوامل وراثية تلعب دورا أساسيا في الوزن.
حسب "مايو كلينيك" (Mayoclinic) تلعب الجينات دورا في تحديد الوزن، لكن ليس كأن الأمر قدري أو مفروغ منه ولا يمكن تغييره.
يمكن للوراثة أن تحدث فرقا في عوامل محددة مثل مدى شعورك بالشبع أثناء تناولك للطعام، ومستويات الامتلاء والشهية، وكيف يستخدم جسمك الطاقة ويحرق السعرات الحرارية. ومع ذلك، لا تزال البيئة المحيطة ونمط الحياة والخيارات الصحية هي العوامل الأساسية المتحكمة بشكل كبير في مقدار وزنك، والوراثة أمر هامشي لا ينبغي التعويل عليه.
أنت لست ما تأكل
تقول النظرية التقليدية إن كمية السعرات الحرارية التي يأكلها الناس ويشربونها لها تأثير مباشر على وزنهم: تستهلك عدد السعرات الحرارية نفسها التي يحرقها الجسم مع مرور الوقت ويبقى الوزن مستقرا، تستهلك أكثر مما يحرق الجسم والوزن يرتفع، تستهلك أقل ينخفض الوزن.
وتقوم برامج إنزال الوزن بالأساس على قاعدة تقول إن بعض الأطعمة دون غيرها تسهم إسهاما كبيرا في زيادة الوزن، بما في ذلك الأطعمة المصنعة التي تحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية ذات القيمة الغذائية المنخفضة، ولا بد من تجنبها لخسارة الوزن، وفقا لـ"ماي فوود داتا" (Myfooddata).
وتشمل الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية التي يجب تجنبها: الأطعمة السريعة واللحوم المصنعة والحلويات واللحوم الدهنية ومنتجات الخبز الأبيض والوجبات الخفيفة والمشروبات السكرية والكحول والتوابل.
ورغم أن تلك النظرية تبدو منطقية تماما، فإن بعض الأشخاص يتناولون أطعمة مرتفعة السعرات الحرارية ولا يكتسبون وزنا، لماذا؟
تشير مدونة الطعام الأميركية ريبيكا رابين التي تدير حساب إنستغرام "لقد أكلت ذلك بالفعل" (I Actually ate that)، المخصص لعرض صور الأطعمة التي تتناولها، إلى أن عدم تقييد نفسها بأطعمة محددة هو سر الحفاظ على قوامها النحيف.
وتقول ريبيكا في مقابلة مع "نيويورك بوست" (Nypost) "نشأت على تناول ما يجعلك سعيدا، في نظري هذا عدد كبير من سندويشات التاكو والناتشوز والبيتزا في وقت متأخر من الليل والخبز والمعكرونة".
ولكن على الرغم من أنها تنغمس بانتظام في الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، فإن ريبيكا تملك قواما نحيفا. وتشرح قائلة "أعامل الطعام على أنه شيء تستمتع به، أنا لا آكل في ثوان، إذا كنت أتناول المعكرونة اللذيذة فسوف آخذ وقتي وأتناولها. الأمر كله يتعلق بالتحكم في حصص الطعام".
ربما تكون "حصص الطعام" هي كلمة السر التي كشفتها ريبيكا، وأيدتها إليسا رومي المتحدثة باسم أكاديمية التغذية الأميركية، إذ تقول في مقال على موقع "سيلف" (Self) إنها تجد "عندما يتوقف الناس عن جعل الأطعمة محظورة فإنهم يحسّنون علاقتهم بالطعام، ومن ثم يصبحون قادرين بشكل أفضل على تناول نظام غذائي متوازن، والانغماس عندما يريدون ذلك، مع الحفاظ على الاعتدال".
وتوضح إليسا أنه عند الشعور بأنك تستطيع أن تأكل شيئا ما في أي وقت ينتهي بك الأمر إلى عدم تناوله على الإطلاق، أو الشعور بالرضا عن تناول كمية أقل مما لو كنت تأكله عندما شعرت أنه لا ينبغي أن تحصل عليه على الإطلاق. التحكم في حصص الطعام هو كل ما في الأمر خاصة مع أكثر الأطعمة سوءا، ومن المهم أيضا التأكد من حصولك على مزيج صحي من الطعام، فيمكن تناول السلطة الخضراء قبل قطعة من البيتزا مثلا.