كلّ تفكيرك الآن منصبٌّ على العيد ..وتفاصيله ..بعيالك ..وأخواتك ..وعماتك و خالاتك ..! العيد الذي من المفترض أن يكون هو الفرحة يتحوّل بفعل (فاعل) إلى كابوس حقيقي لك ..! كيف ستدبّر أمورك يا حزين ..؟! من أين ستسكّر خوازيقك ..؟ وكيف سترضي جميع الأطراف وأنت مش مهم ؛ تغور بستين داهية ..؟ المهم أن يرى الجميع أنك (زلمة) وعلى (قد) حالك ..حتى لو حالك كان مش على (قده)..؟؟!!.
لا تنهم ولا تنغم ..وكن أكثر الواثقين بأن العيد ما هو إلا يوم ؛ وسواء شئتَ أم أبيت ..سيأتي ..وسيبرطع بيننا..سيسرح و يمرح ..و سترى أطفالك يقفون طابوراً صارخاً في صباحه يطالبونك بالمعلوم ؛ و المعلوم عندك في غياهب المجهول ..ولكن قبلها تماماً بأيّام سيسألونك : جبت مصاري ..؟ دبرت أمورك ..؟ رح تشترينا ؟ و سيكون أصغر أبنائك المدلل لديك هو قاصمة ظهرك عندما يقول لك : أنا ما دخلني ؛ بدك تشتريلي ..يقولها لك بعصبية واضحة و بداية دمعتين حرّاقتين ..!
هو العيد مهما شططت ..مهما نططت ..مهما تساويت أو تناقصت ..أو مهما ركضت أو مشيت أو قعدت ..! هو العيد الخارق الحارق ..الذي يجب عليك فيه أن تحضن الجميع وأنت منشكح ..تبوّسهم وأنت مبتسم وتتقطع من الداخل ..تفرح فرحاً استثنائياً وأنت توزع مشاويرك منذ الليل على كل أرحامك اللواتي هنّ عذاباتك الدائمة ..كي لا تقول امرأة لأخرى : أجا أخوكِ..؟! كي لا تسبب سؤالاً مُحرجاً لأحد ؛ عليك بأن تدفع من صحتك و نفسيتك وقهرك وحزنك ثمناً لمنع إحراج السؤال ..!
مع العيد ..تفضحك تفاصيلك ..تقلل هيبتك ..لأن العيد في أوطاننا ما عاد فرحة حقيقية بل (بريستيج) كاذب ..نضحك به على بعضنا ..فلا يتساوى فيه البشر ..ولا تفرح به الأغلبية ..ولا يشعر اللي فوق مع اللي تحت ..العيد صار مرصوداً ليطعن الفقراء ..و يزيد من تهميش المهمشين ..!