تحت عنوان الإصلاح الإداري… تمخض الجبل فولد فأراً… وكنت كتبت عن الدمج وتجربة دمج الأمن العام والدرك والدفاع المدني، وكانت تجربة ناجحة على ما يبدو، أما ما تمخض عن لجنة الإصلاح الإداري وما أعلنه الوزير القادم من بلاد الإدارات الجديدة الناجحة… ! عن دمج وبعثرة وإلغاء وزارات فيبدو الأمر مضحكاً… لا بل محزناً… ! لماذا؟؟ لأن أي إصلاح إداري يجب أن يهدف إلى تفعيل مؤسسات الدولة وتحسين نوعية الخدمات وأتمتتها، تحقيق وفر في المال والجهد والوقت أي زيادة الكفاءة، صحيح أن عدد الوزارات عندنا مبالغ فيه، وعبر سنين (النطنطه… كثير النط قليل الصيد) لحكومات رايحه وحكومات جاية… !، استُحدثت وزارات لم يدم بعضها شهوراً… ولكن هنالك وزارات معروفة وثابتة ويجب أن لا تلغى لأن كل دول العالم لديها مثل هذه الوزارات، ومثال ذلك وزارة العمل، والتي تحمل أسماء مختلفة لدى غيرنا مثل وزارة الشغل أو وزارة القوى العاملة… وغيرها… لتأتي لجنة الإصلاح لتقنعنا (أن كل العالم غلط بس إحنا الصح…!).
ترشيق الوزارات بحيث لا يتعدي عددها خمس عشرة وزاره مقبول، ودول كبري تدير شؤونها بتميز من خلال هذا العدد، أما الفصحنه وتشتيت أقسام وزارات وتوزيعها غنائم علي وزارات أخرى تختلف عنها بالعمل والأهداف فهذا أمر مريب ويوحي بقصر نظر وعبثية لا مثيل لها… ومتأكد الوزارة القادمة ستلغي كل ذلك… ونرجع لنقطة الصفر… بعد أن نكونا أدخلنا الموظف والمواطن في إشكالات وتعقيدات لها أول وليس لها آخر تبدأ بشحططة المواطن وهو يتنقل لإنجاز معاملاته مره بالشرق ومره بالغرب وبده دليل ليعرف وين يروح ومن يراجع عداك عن بهدلة الموظفين ونقلهم والتعسف الذي سيلحق بهم لأننا نقرر دون تخطيط..!…والهدر المالي وغيره… ( ومجنون رمى حجر ببير ألف عاقل ما طلعه..!).
الإصلاح الإداري… صراحة ما بده لجان..! لأننا رأينا النتائج، ببساطه… ! إذهبوا لدول الخليج وانقلوا تجربتهم…وسيبونا من فذلكات فطاحل التطوير الإداري.
أما ( إذا ولا بد) فالإصلاح الإداري لدينا يحتاج إلى بضع عناوين منها؛ ترشيق الوزارات، تفعيل الخدمات الإلكترونية، الغاء التداخلات الشخصية والمزاجية، وضع نظام متابعة للمعاملات، التخلص من البيروقراطية، تدريب وتفعيل الموظفين على العمل بالمقاييس الإدارية العالمية، تجميع الدوائر الحكومية في مكان واحد ما أمكن، أتمتتة ورقمنة جميع المعاملات، تطبيق معايير الجودة على أعمال الوزارات ودوائرها، وضع أنظمة مراقبة ومحاسبة للعاملين، تفعيل أنظمة الحوافز للعاملين، إستبعاد الواسطة والمحسوبية في تعيينات المدراء والموظفين، والإعتماد على الكفاءة في ذلك، الحد من كثرة التواقيع والتشريعات القديمة والكثير من الممارسات التي ما زال البعض يمارسها وكأنها مصدر قوة له..!.وغير ذلك الكثير مما يمكن عمله، ولسنا بحاجة لاختراعه فالحوكمة والممارسات الإدارية الكفؤة موجودة ومطبقه في كل العالم وسبقنا إليها الكثيرون في منطقتنا.
هو ثالوث الكفاءة لأي عمل، تنفيذه بأقل وقت وأقل جهد وأقل كلفة، ولتتحفنا لجنة الإصلاح بدراسة علمية توضح أن ما قامت به من دمج أو إلغاء أو تشتيت… يحقق أو يحسن الكفاءة لأداء الجهاز الحكومي بوزاراته ودوائره… لا أظن، واضح أنها أفكار طبخت بجلسة… أو أن وراء الأكمة ما ورائها، فكل ما تنتجه الحكومات لم يعد موضع ثقة عند المواطن بنسبة عاليه( الكلام مش من عندي… من رئيس الوزراء)… وتحضر في تفاصيله الشياطين، وكل نظريات المؤامرة، حتى لو وظفت الحكومة كل الوعاظ وشيوخ الدين لقراءة المعوذات عليه… !
ثم لماذا دفنت اللجنة رأسها بالتراب..؟ ماذا عن الهيئات (تبعات أبناء الذوات)، والتي تستنزف الميزانيات، وأثبتت الدراسات انها لا تغطي 50% مما يصرف عليها، وهي الأولى بضمها للوزارات التي تقوم بذات عملها… والحكاية فيها وجع ومرض عضال استفحل… وأشبع تنكيلاً تارة من النواب وتارة من الأغراب… ولجان الإصلاح الإداري (إذن من طين واذن من عجين).
بصراحة كل إجراءات الإصلاح وما أعلن عن مقرراتها غير مقنع ومن التجربة لن يغير شيئاً لا بل سيحمل الدولة والموظف والمواطن وزر إقتراحات وأفكار غير ناضجة لا بل مسلوقه أو… أو… . أو مقصوده، لتأتي وزارة جديدة وتلغي ما تم… والخاسر الوحيد الوطن… ومكانك سر...! لا بل إلى الخلف دور….حمى الله الأردن.
* للتوضيح؛ الانكشارية مصطلح عثماني… يعني الجنود الجدد… وهم بالعادة من أسرى الحروب من الغلمان اليتامى الذين يتم فصلهم عن أصولهم، على أن يكون السلطان والدهم الروحي… ومجازا استعرت المصطلح للعنوان… !