الدكتوة فاتن الرواحنه دكتوراة في علم النفس التربوي
مع هذه اللحظات المرتقبة أذكر نفسي وجميع أهالي الطلبة الأفاضل والطلبة الأعزاء بضرورة الحفاظ على التوازن النفسي والانفعالي في هذا اليوم الذي أتمناه جميلاً ويملؤه الرضى والتقبل للجميع، في هذا اليوم تكون العاطفة فيه تغلب على أفكارنا لأننا نود بكل مشاعرنا أن تكون النتائج أفضل مما نتوقع، ونطمح لأفضل النتائج لتحقيق أحلامنا.
هنا أود التنويه إلى أن كبح الأفكار والمشاعر ضارًّا، فكبت المشاعر من ناحية يمثل مدخلا إلى المشكلات والاضطرابات النفسية، وسيطرة المشاعر من ناحية أخرى وتفلتها والتعبير عنها بأي طريقة يؤدي إلى العديد من المشكلات ويصعب حياة الإنسان الاجتماعية ويفسد علاقاته، وقد يؤدي إلى خسارته لأغلى الاشياء في حياته، بل ولحياته نفسها. فعلينا أن نتذكر أن أحد الأسباب الأساسية لامتلاكنا المشاعر، هو مساعدتنا على تقييم خبراتنا، ومما لا شك فيه أن المشاعر مفيدة للصحة العقلية، فالمشاعر والانفعالات جزء أساسي من ذواتنا في تعاملاتنا مع شتى المواقف في حياتنا اليومية، والواجب علينا المحافظة عليها بأن تكون معتدلة ونعبر عنها بشكل صحيح إن كانت ايجابية أو سلبية، فلذلك إدارة المشاعر بطريقة صحيحة من أهم المهارات الحياتية لحماية الإنسان نفسيًا وضمان استقرار حياته على كافة المستويات.
أولياء الامور الافاضل تعلمون بأننا معرضوون للكثير من الأخطاء وللخطر وتعطل القدرات والمهارات بشكل كبير عندما نكون تحت سيطرة انفعالاتنا السلبية الشديدة، والسبب في ذلك أن اللوزة الدماغية "الأميجدالا" هي التي تستقبل التهديدات، وعندما تجتاح العقل العواطف الشديدة بدون ضبطها فإنه يحدث ما يُسمى بـ"اختطاف اللوزة"، حيث تتولى بقية مهام المخ مما يضعف الكثير من القدرات منها التعلم والتذكر والمرونة والابتكار، وغالبًا ما ترتكب اللوزة أخطاء لأنها تحصل على جزء صغير فقط من الإشارات التي تتلقاها، وتعالجها بشكل فائق السرعة، فالبتالي يجدر بنا مواجهة ذلك في شتى المواقف الحاسمة أو الصعبة في حياتنا ومنها تقبل النتائج كما هي، فنتيجة التوجيهي هي نتيجة تعب أعوام قمتم جميعكم بها، وعليكم دعم أبنائكم في تقبل هذه النتائج فهي ثمرة تعب وجهد واستعداد مسبق للامتحان، والتعامل مع النتيجة بجد واتزان وواقعية والتسلح بالصبر والبعد عن المغالاة في مظاهر الفرح او الحزن والقلق والتوتر وضبط الاعصاب. فإن تربية الابناء ومتابعتهم وتوجيههم مسؤولية مشتركة تقع على عاتقكم، لذا يجب عدم تحميل المسؤولية لاحدكما والتهرب من المسؤولية، وعدم التركيز على معدل الابناء والتركيز على مقدار تعب وجهد الابناء في تحصيلهم لمعدلاتهم. راجيةً من حضراتكم البُعد عن اللوم واجراء المقارنات مع أقرانهم ممن حصلوا على معدلات تزيد عن معدلات ابنائكم فإن هذه السلوكات تدفع الابناء للاحباط والتوتر والغضب. ونذكر أنفسنا بأن امتحان التوجيهي ما هو الا امتحانا تربويا وليس تنافسا اجتماعيا ولنستفيد من هذا الامتحان ونأخذ منه الخبرة.
ابنائنا الطلبة الأعزاء تذكروا بأنها مجرد نتيجة يمكن التعامل معها بذكاء ووضعها في التخصص المناسب لسوق العمل لكي تطور من ذاتك وخبراتك، فالفرصة ما زالت أمامكم ما زلتم في مُقتبل العمر وبإمكانكم تحدي الصعوبات وتحويلها إلى فرص للتعلم والعمل. وأبنائنا الذين لم يحالفهم الحظ بالنجاح او كانوا يتمنون الحصول على معدلات مرتفعة انصحكم بعدم المبالغة في الحزن والندم فهذا الامتحان هو بداية لسلسلة من الامتحانات . فلا تتدعوا لليأس والقنوط حيزاً في مشاعركم وعقولكم وتذكروا وجود دورة تكميلية ليست ببعيدة.