لا تخلو الحياةُ من المشقات والمتاعب الكثيرة، ويقال أن المشقة الفكرية أصعب أنواع المشقات لأنها أصعب من النحت في الصخر، فالتفكير يفتت الكثير من الصخور الضخمة التي تجثو على صدر الحقيقة، والحاجة دوماً تكون إلى صبرٍ وجلدٍ ومثابرةٍ من أجل الوصول إلى فهم أعمق وأوضح وأشمل.
وعن موضوع الكتابة فكلما قررت التوقف عن الكتابة قائلا بنفسي لا أرغب بالكتابة .. كلما إنتابني شعور بالذب وتأنيب الضمير، لأنَّ الكتابة هي فن التعامل من الكلمة ونحتها لإيصال رسالة تفيد الناس وتنير لهم درب الحياة الصعبة والشائكة وتوجه حياتهم نحو الخير والسلام. لذلك فالناس يحتاجون أن يقرأوا وأن يسمعوا وأن يشاهدوا ما يشحذَ هِمَمَهم لا ما يحبطُ من معنوياتهم. فمهما قست الحياة علينا ومهما تجهمت في وجهنا الأيام ومهما فقدنا من أعزاء فلا يجب أنْ نحبطَ أو أن نصابِ بالقنوط والفشل ولا يجب أن تحجبَ عنا الغيومُ السوداء ضرورة إكمال مسيرة حياتنا بما يسهم في بناء المجتمع ومساعدة الناس لتنهض من جديد وتستعيد قوتها وعافيتها ومعنوياتها.
ولتغذية دسم الكتابة لا بدّ من مرافقة ذلك بدوام القراءة والدراسة والتعمق في شتى العلوم والحقول والمجالات التي توصلت إليها البشرية لأنَّ في ذلك فائدة ومعرفة وقوة تسهم في سَنِّ حدَّةِ التفكير وتزويده بالمعلومات والخبرات والخلاصات الضرورية واللازمة لإنتاج بضاعة فكرية جديدة تشكِّلُ الأساسَ في تقدِّم المجتمعات ورفعتها. فكل الإختراعات والإكتشافات بدأت أصلاً بفكرةٍ وبتصورٍ وبتخيُّلٍ وسرعانَ ما استفذَ الإنسانُ قدراتَهُ العقلية ليقدم منتجاً جديدا يخدم البشرية جمعاء ويخفف من آلامها ومعاناتها، فالمسيرة تستمر.
ومن هنا يأتي أهمية معرض الكتاب السنوي الذي يقام في عاصمتنا الحبيبة عمان تحت الرعاية الملكية السامية وبرعاية وزارة الثقافة. فهناك ضرورة لإنتقاء الكتب التي تُغذي العقل والروح وتجعل الإنسانَ يحلّق عالياً ويسمو على كل ما يشُّدُ حياتنا للأسفل وإلى الباطل.
فكل الشكر للقائمين على المعرض ولإيمانهم بأهمية الكتاب ودور الثقافة في صقل حياة الشعوب وسموّها.