عجزُ الإنسان لا تعني ضعفه أو عدم توفّر الإمكانية لديه، بل على العكس فالله سبحانه وتعالى خصّ الإنسان بأعلى الخصائص التي تَميّز بها عن بقية الكائنات الحيّة، فجعل منه كائناً روحياً يَعِي ويفكّر ويقدرُ على التواصل الروحي مع خالقه، وهذا مدعاة لأن يُسخِّرَ الإنسانُ جلّ وقته لتطوير فكره والتكسّب من مختلف العلوم والبحوث، فملكةُ العقل هي نعمة ربّانية وهي أساسية لخوص غمار الحياة بفكر ومنطق وحكمةٍ، مما ينسجم مع الإرادة الإلهية في أن يقدرَ الإنسانُ أن يدبّر شؤونَ حياته وعالمِه بكل أساليب الحكمة والقيادة الحكيمة والإدارة الصائبة، وكذلك بما توصّل إليه من آليات وأساليب ومخترعات ومكتشفات حديثه. فمسيرةُ العِلم والتعلّم هي جزء من مسيرة الحياة البشرية والتي بواسطتها نكشف الكثير من مكنونات وأسرار هذا الكون. ذلك، لا يجب تكبيل العقل البشري وَحَجره خوفاً من كلّ جديد، بل على العكس علينا أن نُعلّم أولادنا علم المنطق والفلسفة والتفكير النقدي والبحث والتحرّي.
ومع كل تلك الإمكانيات الهائلة للعقل البشري إلا أنّ الإنسان في مواقف كثير يقف موقف العاجز، لا يقوى على فعل شيء أو الأتيان بما هو جديد أو تقديم المساعدة. وأمام قدرة الله يبقى الإنسان عاجزاً ومحدوداً فعندما تَخرجُ روحه يعود إلى ترابه. لذلك نحتاج إلى معونة الله في حياتنا في أمورٍ ومواقفَ كثيرةٍ قد يعجزُ الإنسانُ أن يقدمها لنا. فعندما يعجز الإنسان عن تقديم يد العون لنا يبقى هناك عون الله وقدرته. لذلك لا نفشل ولا نقنطُ من طلب عون الله لنا، فعندما تُقْفَلُ أمامَنا كلُّ الأبواب وتسّدُ كل الطرق فبابُ الله لن يُقفلَ أبداً وطريقا دائماً سالكًا، وعندما تعجز القدرات البشرية على عوننا فقدرة الله قادرة أن تعيننا وأن تساعدنا.
خلاصة القول أن "عجزَ الإنسان" لا يعفينا من الإستعانة بقدراته ومواهبه ومقدرَته، لذلك فنحن نلجئ لمختصين ومتدربين ومؤهلين في مختلف العلوم والقطاعات وسنجد ما نسعى لأجله، ولكن وعندما تعجزُ قدرات الإنسان على عوننا، فلا ننسى عونَ قدرة الله لنا، فلا شيء يعجز أمام قدرته تعالى فهو يُقوّم المنحنيين ويُجري حكماً للمظلومين ويُطلقُ الأسرى ويفتح أعين العمي.