لست هنا محامي دفاع عن المجرم ولا عن الحادث الاجرامي الغاشم الذي وقع فجر هذا اليوم ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤، في منطقة الرابية، فكل الأردنيون يدينون ويستنكرون تكرون هذا الحادث وهم يتمنون الشفاء العاجل لنشامى الامن العام، ويقدرون جهد قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية. لكن ما جعلني اكتب هو كثرة ما سمعت وشاهدت من تردد كلمة إرهاب او حادث إرهابي في محطاتنا الإعلامية، وصولا الى ان أحد المسؤولين صرح على أحد المحطات الفضائية واقتبس "ما جرى فجر اليوم من اعتداء على رجال الامن العام نعتبره حادث ارهابي " انتهى الاقتباس. لا اعرف هل أنت من تُصنف وتُعرف بان الحادث هو حادث إرهابي ام حادث جنائي، فالقضاء الأردني النزيه هو سيف العدالة والحق وهو الذي يفصل ما بين الأبيض والأسود، ويصنف هذه الجريمة على انها جريمة إرهابية او جريمة جنائية، فالخلط ما بين الجريمتين مُصيبة في مثل هذه التصريحات والمصيبة الاعظم إذا لم نتوقف او ننسحب من تردد هذه العبارات، فالعالم حولنا عندما يترجم ما تصرحون فانه يترجمها على انها إرهاب Terrorism وليس جريمة Criminal.
لان هناك فرق شاسع وكبير ما بين الجريمة الارهابية والجريمة الجنائية ، على الرغم من انهما تلتقيان في أسلوب استخدام العنف الغير الشرعي وانهما تخلقان حالة من الرعب والفزع والخوف والضرر الاجتماعي ، الا انهما تختلفان من حيث التعريف من قبل المُشرع ومن حيث العقوبة (الاحكام القانونية) ، ومن حيث النوع (محلي او دولي) ، وكذلك من حيث الهدف (الضحايا) والدافعية والأسباب والتمويل والتنظيم وأسلوب التنفيذ (العمل) وصولا الى طرق الردع (المكافحة) لكلا الجريمتين فهو مختلف تماما ، الا ان هناك اختلاف هام ودقيق وحساس في حجم ردود الفعل والاضرار الجانبية او الارتدادية لكلا الجريمتين على مستوى الامن القومي للوطن ، وذلك من حيث التأثير على الشؤون الداخلية والخارجية خاصة في الضرر السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإعلامي الذي ينعكس على كلا الجريمتين ، فعلى سبيل المثال ؛ مع كثرة وتطور وسرعة وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ، فان المستمع والمشاهد والباحث والمستثمر والسائح وحتى الزائر في مثل هذه التصريحات ، لا يعرف او لا يقرأ الا كلمتين حادث إرهابي Terrorist Acts او حادث جنائي Criminal Acts ، فإلصاق كلمة الإرهاب في مثل هذه التصريحات امر يجب ان يعاد النظر فيه او الانسحاب منه او الانتظار لحين ظهور نتائج التحقيق والخروج في مؤتمر صحفي.
كذلك فان المجرم والارهابي هما يلتقيان في انهما مجرمين، الا ان منفذ الجريمة الجنائية (المجرم) وبحسب ما صرحت الحكومة عبر وسائل الاعلام بالقول " لديه سجل اجرامي او أصحاب القيود الاجرامية من حيازة أسلحة نارية ... الخ ". فالمجرم عادة ما ينكر او يرفض التبرير Denial لجريمة البشعة، كذلك فان دوافعه قد تكون شخصية او نفسية او اجتماعية، اما منفذ الجريمة الإرهابية (الإرهابي) فهو عادة لا ينكر جريمة ويعترف بها ويبرر سبب اقدامه على هذا الفعل، كذلك فان دوافعه قد تكون سياسية او فكرية (ايدولوجية) او عقائدية او عنصرية او حتى إعلامية في بعض الحالات والتي ما يتبعها تصريح اعلامي من جماعة او تنظيم يعلن مسؤولية عن الحادث.
اماً أنكم تَخلطون ما بين الجريمة والارهاب فهذا امر يحتاج إلى دقة في التعبير وإعادة النظر.