استمرت تقلبات أسعار النفط الخام مع موازنة المستثمرين الحذرة المتعلقة بقلة الإمدادات النفطية مع توقعات تراجع الطلب العالمي بسبب الركود، في وقت تتابع فيه السوق استكمال الولايات المتحدة لخطة إطلاق 180 مليون برميل من احتياطي البترول الاستراتيجي.
وأوضح لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون أن الإصدارات المتسارعة من الاحتياطي النفطي الأمريكي تهدف إلى المساعدة على التخفيف من اضطرابات الإمدادات العالمية الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا والمساعدة على خفض تكاليف الطاقة.
وسلطوا الضوء على بيانات "ساكسو بنك"، التي تؤكد أن الطلب الموسمي على الوقود ارتفع إلى أعلى مستوى منذ 2007، بينما ظلت المخزونات عند أدنى نقطة على الإطلاق لهذا الوقت من العام، بينما لا تزال هناك مخاوف من دخول فصل الشتاء بسبب مخزونات نواتج التقطير، لأنها عند أدنى مستوياتها منذ 25 عاما على الأقل في هذا الوقت من العام.
وفى هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة إل إم إف النمساوية للطاقة: إن أسعار الوقود والطاقة، التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية تقود أزمات التضخم حول العالم وتهدد بالركود والتباطؤ الاقتصادي خاصة مع لجوء الفيدرالي الأمريكي وعديد من البنوك المركزية إلى رفع متوال في أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
وأوضح أن المنتجين تلقوا اشارات مهمة على أن احتياطي البترول الاستراتيجي سيكون جزءا من المساعدة على تخفيف وتثبيت تدفقات الأسعار، ليس فقط عندما ترتفع الأسعار، لكن عندما تنخفض الأسعار. مشيرا إلى تراجع أسعار النفط الخام بعد تقلص مخزونات النفط الخام 1.7 مليون برميل في الأسبوع الماضي.
أما أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات، فيرى أن أسعار النفط الخام واصلت التقلبات مع الميل إلى الارتفاع في أوقات كثيرة رغم التصريحات الأمريكية بشأن ترويض أسعار الطاقة، مشيرا إلى أنه تم تداول الأسعار ضمن نطاق ضيق منذ أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي وسط تقلب معنويات المخاطرة في الأسواق الأوسع.
وأوضح أنه في الوقت الحالي تقع السوق بين ضغوط متضادة منها التباطؤ الكبير في النمو العالمي، الذي يؤثر في نمو الأسعار. وفي الوقت نفسه، فإن عقوبات الاتحاد الأوروبي المقبلة على صادرات النفط الروسية يمكن أن ترسل موجات صادمة في سوق الناقلات العالمية، وقد تسببت بالفعل في قيام بعض المصافي الهندية بوقف عمليات الشراء الفورية وذلك قبل أن تدخل العقوبات الأخيرة حيز التنفيذ في أوائل ديسمبر.
ويوضح فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة سنام الإيطالية للطاقة أن المخزونات النفطية العالمية لا تزال ضيقة، لكن يمكن القول أن خلفية الاقتصاد الكلي العالمي هي الأضعف منذ عقد، مشيرا إلى ارتفاع أسعار النفط بعد أن أشارت الصين إلى تخفيف سياستها الصارمة بشأن فيروس كوفيد، التي أثرت في معنويات السوق في الأشهر الأخيرة.
وأوضح أن تخفيف الإجراءات الصينية الصارمة بشأن كوفيد جزئيا يدعم أسعار النفط ويحسن من معنويات السوق ويبث أجواء إيجابية بشأن تعافي الطلب العالمي على النفط الخام والوقود، نظرا لكون الصين المحرك الرئيس للطلب العالمي، التي تؤثر بياناتها الاقتصادية كثيرا في مسار أسعار النفط الخام.
بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية: إنه منذ إطلاق سياسة صفر كوفيد في الصين تأثر كثيرا الطلب العالمي بالإغلاقات المتكررة لكثير من المدن الرئيسة وذات الثقل الاقتصادي، كما أدى في بعض الأحيان إلى عزل الصين نسبيا عن بقية العالم وألقى بثقله على معنويات السوق في مجمع السلع بأكمله، مع الأخذ في الحسبان حقيقة أن الصين هي أكبر مستهلك ومستورد للمواد الخام في العالم.
وأشارت إلى ارتفاع أسعار النفط على الرغم من الإعلان عن مزيد من إصدارات احتياطي البترول الاستراتيجي، حيث توجد مخاوف من أن الاحتياطيات الاستراتيجية للطوارئ توفر فقط احتياجات استهلاك النفط لمدة 22 يوما فقط في حالة الطوارئ الفعلية، كما تلقت الأسعار دعما من تقرير مخزون النفط الأمريكي الأسبوعي الذي أظهر انخفاضا قدره 1.7 مليون برميل في النفط الخام وتراجعا طفيفا في مخزونات البنزين وزيادة طفيفة في نواتج التقطير.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تفاوتت أسعار النفط في المعاملات الآسيوية المبكرة أمس، مع موازنة المستثمرين الحذرة المتعلقة بقلة الإمدادات مع توقعات تراجع الطلب، وبحلول الساعة 00:10 بتوقيت جرينتش تراجعت العقود الآجلة لخام برنت تسوية ديسمبر 28 سنتا أو 0.3 في المائة، إلى 92.13 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم نوفمبر التي انقضى أجلها أمس، 34 سنتا أو 0.4 في المائة، إلى 85.89 دولار للبرميل.
وفي تصريحات الأربعاء، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: إنه يعتزم بيع 15 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي وإعادة شراء النفط إذا انخفضت الأسعار. وسيكون السحب من الاحتياطي الاستراتيجي هو آخر دفعة من بيع يشمل 180 مليون برميل نفط أعلن بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 89.29 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 90.82 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثالث انخفاض على التوالي، وإن السلة خسرت نحو ستة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 95.12 دولار للبرميل.