عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، وبالشراكة مع RNW Media، يوم الإثنين 17 تشرين الأول/أكتوبر 2022، مختبر سياسات حمل عنوان "دور الإعلام في التخفيف من آثار التغير المناخي"، وذلك في إطار مشروع الأصوات الخضراء للشباب والشابات في العالم العربي والممول من سفارة هولندا. وشهد المختبر حضور عدة متحدثين من الضيوف وهم حبيب معلوف، الكاتب والصحفي اللبناني والمحاضر في مجال الفلسفة البيئية، ورئيس الهيئة اللبنانية للتنمية والإنماء، وقسم البيئة في جريدة السفير اللبنانية، ونيشاد شافي، الخبير البيئي وعضو ومجلس الإدارة في شبكة العمل المناخي، والمدير التنفيذي لحركة الشباب العربي للمناخ والتي يقع مقرها في قطر.
وقد حضر هذه الجلسة من مختبر السياسات مجموعة من الناشطين البيئيين الشباب من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذين وقع عليهم الاختيار من خلال مسابقة "الأصوات الخضراء" التي نظمتها منظمة النهضة العربية (أرض) وRNW Media. يعد مختبر السياسات هذا هو الأول ضمن سلسلة من الفعاليات والأنشطة المماثلة التي تهدف إلى توفير مساحة للشباب العربي للنقاش، والتعلّم، وبناء القدرات إلى جانب تعزيز مهاراتهم في إنتاج المحتوى الإعلامي بدعم من الخبراء في هذا المجال وأقرانهم من الشباب. كما ستتاح الفرصة لعشرة من المشاركين فيه للمشاركة في فعالية جانبية لقمة المناخ COP27 التي ستعقد الشهر المقبل في مدينة شرم الشيخ المصرية.
شارك في مختبر السياسات هذا شابات وشباب من الأردن، واليمن، والعراق، وفلسطين، ولبنان ومصر، وخاضوا مناقشات حول تأثير تغير المناخ على بلدانهم، والصعوبات التي تواجهها البلدان النامية في الحصول على التمويل اللازم لمعالجة القضايا المناخية الملحة، ودور وسائل الإعلام الرئيسية والمستقلة في زيادة الوعي العام بهذه المسألة الهامة، وتوفير معلومات دقيقة بمقدور عموم الأشخاص الوصول إليها حولها.
وفقًا لميريام مارسيلو لوبيز، مستشارة أولى في منظمة النهضة العربية (أرض) والتي أدارت النقاش، "فنحن نعمل مع RNW Media لإعداد هؤلاء الشباب للمشاركة بفاعلية في النقاش حول تغير المناخ، بما يشمل الحدث الجانبي قمة COP27، كما تساعدهم مختبرات السياسة هذه على الانخراط في حوارات تسعى إلى إثارة التفكير، والخروج بأدوات اتصال أكثر إبداعًا لإثراء النقاش والتأثير فيه".
وتطرق معلوف إلى "الجذور الفلسفية للمشكلة"، مبينا بأن "بداية المشكلة البيئية تعود إلى بعض الاعتبارات المتوارثة والعلمية، بأن الإنسان هو مركز الوجود وجوهره، أما باقي المخلوقات، فقد وُجدت ليتم استغلالها بشكل أو بآخر من قبله، وهو ما مارسناه إلى درجة انقراضها". ووفقًا له، فإن "الاعتبار الذي يقضي بأن البشر هم أهم المخلوقات على هذا الكوكب بحيث لا يصنفون ضمن الأنواع العديدة التي تعيش على سطحه، هو أصل المشكلة البيئية. إذ لم يأخذ البشر حياة الأنواع الأخرى في الاعتبار".
كما ألقى الحوار الضوء على القضية الهامة المتمثلة في عدم المساواة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، فالأولى هي المسؤولة عن معظم أزمة المناخ العالمية، أما الأخيرة فتعجز عن اتخاذ تدابير التخفيف من التغير المناخي أو اعتماد استراتيجيات لمعالجته.
بحسب شافي، فيمكن لقضايا أمن الطاقة في أوروبا، والحرب الروسية الأوكرانية الدائرة حاليًّا تعريض الوعود والالتزامات للخطر، مشدّدًا على أن "الدول المتقدمة تتحكم بشكل كبير في خريطة الطريق لسردية اتفاق باريس للمناخ، إضافة إلى وسائل الإعلام الخاصة بهذا الاتفاق وخارطة الطريق، وأجندات مؤتمر أعمال الأطراف كذلك"، مؤكدًا على وجوب إصرار الدول النامية على التعويض والاستثمار في صندوق المناخ والتكنولوجيا المناخية، وهي "رسالة ينبغي أن توليها وسائل الإعلام المزيد من اهتمامها" كما يقول.
وأشارت غنوة، مشاركة من لبنان، إلى التعقيد الذي يشوب العثور على معلومات كافية عن المناخ في المواقع الحكومية الرسمية، ما يجعل المواطنين يعتمدون على المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام بصورة أساسية.
أما أحمد، وهو مشارك من اليمن، فقد قال إن الاضطرابات السياسية والحروب في بلاده، والصراعات في الدول العربية الأخرى، تحظى باهتمام وسائل الإعلام مثلها في ذلك كمثل الأخبار الاقتصادية، بينما تعاني القضايا البيئية من التجاهل الإعلامي إلى حد كبير.
Translation is too long to be saved
اتفق شافي مع ما سبق، مستشهدًا بفلسطين بوصفها مثالُا يتصدر أخبار الصراع باستمرار، في حين لا تحظى المبادرات العظيمة التي يقودها الشباب ممن توصلوا إلى حلول لإعادة تدوير المياه وأنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية في غزة، فضلاً عن الحلول الموجودة في بلدان أخرى في المنطقة، بأي تغطية إعلامية. فيما دعا معلوف وسائل الإعلام إلى الانخراط في "الصحافة الاستباقية" التي تتناول قضايا البيئة، والمناخ والكوارث قبل وقوعها.
غدير، وهي مشاركة من اليمن، سلطت الضوء على أهمية بناء منصات رقمية لمناقشة مواضيع البيئة، والسرد القصصي، والمواد البصرية في هذا المجال. كما يعتقد عمرو، وهو مشارك من مصر، أنّ على وسائل الإعلام أن تتخذ خطوة إضافية تتمثل في الدعوة إلى تنظيم احتجاجات عامة وتأييدها في حال وجود قضايا تضر بالبيئة بشكل خطير. واتفق جميع المشاركين على أنّ وسائل الإعلام المحلية والإقليمية تلعب دورًا حاسمًا في توثيق استراتيجيات البلدان ومبادرات الشباب لاحتواء التغير المناخي والتخفيف من حدته.
وفي الختام، أجمع المشاركون على أنّ للإعلام العربي دوره الحيوي الذي يلعبه في دعم حكوماتهم وإبراز التحديات البيئية وتأثيرها على الدول. واختتم المتحدثون بالتأكيد على أهمية الدور الذي يجب أن يلعبه الشباب في هذا المجال، كما دعوا الشباب المشاركين إلى استخدام حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإنترنت لعرض القصص البيئية، فضلًا عن التواصل مع الصحفيين المحليين، والانضمام إلى البرامج التي يقودها الشباب لزيادة إسماع أصواتهم.