محق من يقول ليست مشكلة التطرف كامنة في شخص نتنياهو، فهو يميني عنصري مكشوف، يحمل العداء للشعب الفلسطيني لمكوناته الثلاثة، وقد عبر عن ذلك في صياغته لقانون «يهودية الدولة» في عهده، 19/7/2018، وفي دفع الرئيس الأميركي ترامب نحو: 1- الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة، 2- إلغاء الدعم المالي الأميركي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا كمقدمة لشطب قضية اللاجئين وشطب حقهم في العودة إلى مناطق 48، وفق القرار الأممي 194، 3- إعلان ترامب صفقة القرن يوم 28/1/2020 في واشنطن بحضور نتنياهو شخصياً.
نتنياهو مكشوف عريان في عنصريته وعدم استجابته لحقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني الثلاثة: المساواة في مناطق 48، الاستقلال في مناطق 67، العودة للاجئين، ولكن المشكلة تكمن بعاملين:
أولهما لدى اليمين المتطرف المنفلت من أي ضوابط سياسية أو أمنية أو قانونية، سواء في تعامله مع فلسطينيي مناطق 48، أو فلسطينيي مناطق 67، ومع ذلك ورغم القلق السائد، إلا أن نتنياهو سيكون ضابط الإيقاع لهم لأسباب أميركية ودولية، حيث باتت المستعمرة تحت مراقبة المجتمع الدولي، بعد صدور بيانات منظمات حقوق الإنسان: بتسيلم الإسرائيلية، آمنستي البريطانية، هيومن رايتس ووتش الأميركية، إضافة إلى لجان حقوق الإنسان التي وصمت سلوك المستعمرة أنه أبارتهايد ترتكب جرائم حرب، وجرائم ضد حقوق الإنسان، لهذا سيعمل نتنياهو على لجم الأحزاب المتطرفة.
أما المشكلة الثانية فهي ذاتية مصدرها الفلسطينيون أنفسهم، فقد أدوا داخل مناطق 48 واجباتهم الوطنية نحو صناديق الاقتراع، حيث شارك في الانتخابات وأعطوا أصواتهم للكتل الفلسطينية الثلاثة أكثر من 511 ألف صوت، أي 54 بالمائة من عدد الفلسطينيين الذين يملكون حق التصويت، وهو عدد ونسبة لم تكن متوقعة لدى المراقبين، ولكن عند التصويت استجاب قطاع واسع من أهل الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، لنداءات قادة المجتمع العربي الفلسطيني، رغم غضبهم من الانقسام بين الكتل الثلاثة وفشلهم المسبق في التوصل إلى التحالف فيما بينهم.
المشكلة ذاتية، والمرض داخلي، كما هو في مناطق 67 بين فتح وحماس، اجتاح المرض بين اليساريين والقوميين والإسلاميين في مناطق 48.
التجمع الوطني الديمقراطي كان جزءاً من القائمة المشتركة ولكنه خاض الانتخابات بمفرده، وحصل على 138 ألف صوت بما يوازي ثلاثة مقاعد ونصف المقعد، وحتى يصل إلى الحد الأدنى المطلوب للنجاح، أي 3.25 من عدد المصوتين وهو 154 ألف صوت، كان يحتاج إلى 16 ألف صوت حتى ينجح، وهي أرقام ونسب كانت متوفرة لدى القائمتين: 1- قائمة الجبهة الديمقراطية المشتركة، حصلت على خمسة مقاعد بـ179 ألف صوت، 2- الحركة الإسلامية وقائمتها الموحدة حصلت على خمسة مقاعد بـ194 ألف صوت، مما يدلل على وجود فائض أصوات، ولو كان لديهم اتفاق مسبق على فائض الأصوات، لتمكن التجمع من تجاوز نسبة الحسم، ولكنه خسر 138 ألف صوت ذهبت إلى قوائم الأحزاب الكبيرة واستفاد منها على التوالي: 1- اللكيود 32 مقعداً برئاسة نتنياهو، 2- هناك مستقبل برئاسة يائير لبيد وحصل على 24 مقعداً، 3- الصهيونية الدينية برئاسة الثنائي سموتريتش وبن غفير، وحصلت على 14 مقعداً، 4- المعسكر الوطني برئاسة بيني غانتس وحصل على 12 مقعداً.
المشكلة كما قال لي أحد قيادات المجتمع العربي الفلسطيني في مناطق 48، «عِنا وفِينا، وليس في قوة المستعمرة، أو في عدم القدرة على هزيمتها»...