المدمن جان أم ضحية ؟كيف ننقذ شبابنا من الوقوع في براثن المخدرات و الإدماء بأشكاله كافة ؟
وكيف نتخلص من هذا الكابوس الجاثم على صدور الأسرة و المجتمع ،و الذي يهدد شبابنا و مستقبلهم بالضياع ؟هل هي مسؤولية الأسرة فقط أم المجتمع و الجهات المختصة سواء كانت رقابية أم توعوية ؟
إنها مسؤولية الجميع فاليقظة التامة مطلوبة من الكل حتى لا ينضم كل يوم ضحايا جدد من شبابنا إلى عالم الإدمان الذي لا يرحم ، و لا ينجو منه إلا القليل بسبب المغريات الكثيرة في هذا العصر،وأصدقاء السوء الذين يقرون الشباب بدخول هذا العالم تحت وهم التجربة و تحقيق السعادة،و ما هذا إلا محض تخيلات في عقولهم فقط .
إن جيل اليوم هم عماد المجتمع ، وإن لم تستطع حمايتهم من الوقوع في فخ آفة الإدمان وهم في سن الربيع فسيكون خريفهم مبكرا وحتميا .
الأمر الذي يؤثر على الأسرة و المجتمع كافة. الأمر الذي يدعو لدق ناقوس الخطر إذ أنه سيؤدي حتما إلى دمار المجتمعات .
و في هذا السياق أنشأت الحكومات مراكز عدة لعلاج الإدمان بهدف الوصول بهم إلى مرحلة التعافي .
تشير الاحصائيات إلى أن هناك نسب كبيرة (20%) للمتعاطين من هم دون الثامنة عشر. مما جعل الدولة إلى وضع خطط و استراتيجيات و سياسات تستهدف تعزيز الوعي بخطورة المخدرات و إعادة المدمنين إلى جادة الصواب و طريق الأمل و الصحة و الابتعاد عن دروب المآسي . وعبر تغليظ العقوبات بحق المجرمين و مروجي المخدرات .
و لكن أين منظمات المجتمع المدني من المشاركة في تنظيم حملات توعوية هادفة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي و عن طريق إلقاء محاضرات توعوية للطلبة داخل المدارس؟ بالإضافة إلى عمل كشف طبي دوري و عشوائي للطلبة للتحقق من خلو أجسامهم من المخدر.
الفئات العمرية من عشر سنوات إلى السابعة عشر هي فئة مظلومة في المجتمع و ذلك لشدة تأثرها بسبب انفصال الأبوين و بسبب الخلافات الأسرية و أيضا بسبب قلة أماكن الترفيه لها .
في السابق كان الأطفال يلعبون كرة القدم و كرة الطائرة و كرة السلة و اليد و كرة الماء و العديد من الألعاب الرياضية أما في الوقت الحاضر فإن هذه الفئة من الشباب تقضي معظم وقتها في ألعاب الهواتف المتنقلة و الأجهزة الحديثة بالإضافة إلى ضعف الرقابة الأسرية .
وفي سياق الحديث عن المخدرات حيث أنها كل مادة مسكرة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا من شأنها أن تذهب العقل جزئيا أو كليا . وتناولها يؤدي للإدمان. مما ينتج عنها تسمم في الجهاز العصبي و بالتالي تضر الفرد والمجتمع حيث تؤدي إلى ضعف الذاكرة و انخفاض معدل الذكاء و توثر على قوة الابصار كما تؤدي إلى اضطراب الجهازالتنفسي و تقضي على أجهزة المناعة في الجسم فيصبح الجسم عرضة للأمراض كمرض الالتهاب الكبدي بالإضافة إلى أنها تفقد متعاطيها القدرة على التحكم بنفسه مما ينتج عنه دخول المتعاطي في حالة هستيرية يكون خلالها غير قادر على التمييز يكره اسرته ومجتمعه .
أما آثارها الاجتماعية فتتراوح بين الموت من جراء جرعة زائدة من المخدرات إلى السلوك الإجرامي والانحراف المقترن بجرائم .وزيادة حوادث الطرق و ضررها من الناحية الاقتصادية فيتمثل بالتكلفة الباهظة لتعاطي المخدرات و الكلفة الناتجة عن مكافحة هذا العرض و التوعية و تشخيص العلاج .
و تعاطي المخدرات قد يكون ناتج عن عوامل نفسية و اجتماعية مثل وجود أصدقاء أو أقارب يتعاطون المخدرات . والمدخنين هم أكثر عرضة للوقوع في براثن هذه الآفة إلا أن العامل النفسي من أهم هذه العوامل إذ يقدم معظم المتعاطين على هذه التجربة نتيجة عجزهم عن التوافق النفسي نتيجة ضعف الشخصية و العجز عن الاستقلالية و الميل إلى السلبية كذلك مواجهة خبرات الفشل العاطفي أو الدراسي .
وهنا يأتي دور الأسرة و المجتمع متمثلا بمدارسه و جامعاته ومؤسساته في مواجهة ظاهرة الإدمان وذلك من خلال المتابعة الأسرية المستمرة لسلوك الأبناء و خاصة في أماكن لهوهم مما يساعد على أكتشاف أي سلوك منحرف وذلك في وقت مبكر. واستيعاب طاقات الابناء وتوجيههم لممارسة نشاطات مختلفة وعدم التفريق بين الأبناء و مساعدتهم في اختيار الأصدقاء و التواصل مع الشباب وتوعيتهم و تثقيفهم في كل ما يتعلق بالمخدرات من خلال المدارس و الجامعات ووسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المقرؤة و شبكات التواصل الاجتماعي.
أما عن أنواع المخدرات وأخطرها في أرخصها ثمنا هو الجوكر إذ يستطيع المتعاطي أن يحصل عليها بما يعادل الدينار الواحد بالإضافة إلى الحشيش والماريجوانا المخدرات المهدئة و المخدرات المنشطة متل الكوكايين والمواد المهلوسة مثل LSDو المواد المستنشقة مثل الصمغ والمهدئات الطبية مثل الترامادول والمورفين و غيرها الكثير .
ففي الآونة الأخيرة و بحكم الموقع الجفرافي للأردن إذ يقع على الحدود السورية و الانقلاب الأمني بسبب ظروفها السياسية و برغم محاولات السلطات الأردنية في مكافحة تجار ومروجي المخدرات إلا أن المجتمع الأردني و للأسف نال ما ناله منها.
و نأتي أخيرا إلى مرحلة العلاج فإن السلطات أطلقت حملات جادة في محاولة القضاء على هذه الآفة وأنشأت مراكزلعلاج الإدمان و لكن مشكلة الإدمان لم تعد تقتصر على الذكور مما يعني أن توجيه مناهج الوقاية لهذه الفئة لا يراعي التغيرات في المجتمع و الحذر من انتشار المخدرات بين الفتيات إذ لا مراكز لعلاج الإدمان للسيدات . و ذلك لأن السيدات الأكثر قدرة على الترويج .
أما من الناحية القانونية عدم تسجيل فعل التعاطي كقيد لا يعفي من العقوبة ، إن عدم تسجيل فعل التعاطي للمرة الأولى كسابقة جرمية أو قيد، لا يمنع إنزال العقوبة على هذا الفعل، بحيث يعاقب الفاعل بالحبس ولا يفلت من العقاب. إلى مبررات ذلك، بمقاصد المشرع في اعتبار أن مكافحة المخدرات تدخل في إصلاح المجتمع وكنوع من السياسة العقابية التي لجأ اليها المُشرع في إعطاء فرصة لإصلاح المتعاطين من العودة مرة أخرى، لذا لم يعتبر المُشرع هذا الفعل الذي عوقب عليه، بوصفه سابقه أو قيداً أمنياً، بمعنى أنه لم يفلت من العقوبة ويتم إنزالها عليه، علماً بأن هذا الاجراء كان منصوصاً عليه في القانون السابق.
تعديلات قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الأخيرة عام 2022 اشددت العقوبة على جرائم ترويج المخدرات، من خلال تفريد عقوبة التعاطي بحسب جسامة الفعل وفق نوع وخطورة المادة التي يتم تعاطيها بحيث تكون عقوبة تعاطي الهيروين على سبيل المثال أشد من عقوبة تعاطي الحشيش، فيما يعاقب القانون بالحبس من 3 أشهر الى 3 سنوات حسب جسامة فعل التعاطي، على كل من تعاطى وجلب وأدخل وهرب وأستورد وصدّر وأحرز وحاز أو أشترى أو نقل أو استلم أو أنتج أو صنّع أو خزّن أي من النباتات المخدرة وكذلك مستحضرات بقصد تعاطيها. أن تقديم مادة مخدرة أو مؤثر عقلي للغير للاستهلاك دون علم الأخر، أصبحت تأخذ وصف الجناية وعقوبتها، بعد أن كانت تأخذ وصف الجنحة وعقوبتها، بالإضافة إلى التشديد على عملية وضع المادة المخدرة بقصد الاضرار بالغير بعد أن كان الحبس سنة أصبح الحبس سنتين على الأقل، واذا ترتب على هذا الفعل تحقيق جنائي من النيابة العامة أو المحكمة، فيعاقب الفاعل بالأشغال المؤقتة بحدها الأدنى 3 - 20 سنة وبغرامة لا تقل عن 5 الآف دينار لأن هذا الفعل يكون في غاية الخطورة. وقال إن القانون شدّد على عملية الترويج للمواد المخدرة بعد أن كانت العقوبة تبدأ بالأشغال المؤقتة من 3 سنوات أصبح التجديد عليها بحيث تبدأ بالأشغال المؤقتة من 5 سنوات في حدها الأدنى، واذا اشترك المروج مع قاصر فانه يواجه عقوبة (عشر سنوات اشغال مؤقتة) على الأقل وقد تصل العقوبة الى 20 سنة أشغال مؤقتة. ولفت إلى أنه أصبح هناك تشديد على عقوبة كل من يقاوم الموظفين القائمين على تنفيذ أحكام هذا القانون بحيث تصبح الأشغال المؤقتة، اذا كان يحمل سلاحا أو أعتدى جسدياً على الموظف أو أحد أفراد أسرته، واذا كان الفاعل من رجال السلطة أنفسهم المنوط بهم الحفاظ على هذا القانون أيضا حيث توقع عليه نفس العقوبة، وكذلك التشديد على العاملين أو الموظفين القائمين على إنفاذ هذا القانون ولم يبلغوا عن وجود مكان معد للتعاطي لتصبح العقوبة جناية الأشغال المؤقتة بعد أن كانت جنحة أقل من 3 سنوات .
إن القانون أعطى وصفا جديدا للمصادرة بعد أن كانت للمحكمة أصبح للنيابة العامة حق المصادرة وخاصة في القضايا التي يقبض على الجناة من خلالها أثناء وجود القضية في التحقيق أمام النيابة العامة، و القاء الحجز التحفظي من خلال النيابة العامة على الفاعلين أو غيرهم أو أسرهم إذا تبين أن هذه الأموال لها علاقة باستخدامها بالأفعال المشكلة لجرائم المخدرات ،وأن القانون أعفى المُبلّغ عن الجريمة في حال تم القبض على الجناة جميعا، حيث أن النص قبل التعديل الأخيريعفي الفاعل إذا تم التبليغ عن أحدهم فقط والقبض عليه، فضلاً عن النص على الشروع في جرائم المخدرات بشكل عام بعد أن كان الشروع المنصوص عليه في القانون السابق هو شروع التام فقط فاصبح بحكم التعديل الجديد هو الشروع الناقص والتام الذي تتم المعاقبة عليه، كما تم تشديد العقوبة باستخدام الشبكة المعلوماتية للتعاطي أو الترويج أو الاتجار بالمواد المخدرة.
أبرز التعديلا ت في قانون المخدرات والمؤثرات العقلية هو تعديل المادة الثامنة البند ثانيا بفقرته (ب) ونصَّت على أنه "لا يعتبر كل من تعاطى أو أدخل أو جلب أو هرب أو استورد أو صدر أو حاز أو أحرز أو اشترى أو تسلم أو نقل أو أنتج أو صنع أو خزن أو زرع أيا من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو المستحضرات أو النباتات التي ينتج منها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بقصد تعاطيها، سابقة جرمية أو قيدا أمنيا بحق مرتكبه للمرة الأولى".
وأجازت المادة الخامسة من القانون "التعامل أو التداول بالنباتات أو بذور النباتات التي ينتج منها أي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بمقتضى ترخيص تحدد شروطه وأحكامه بموجب نظام يصدر لهذه الغاية".
وعاقبت المادة السادسة من القانون" كل من يقدم مادة مخدرة أو مؤثرا عقليا لشخص آخر لاستهلاكها دون علمه بالأشغال المؤقتة وغرامة مالية لا تقل عن الفي دينار ولا تزيد عن خمسة آلاف دينار".
أخيرا بقي أن نقول لا تجعلوا من رفقاء السوء قدوة لأبناءكم بل كونوا أنتم القدوة لا تتركوا أبناءكم وحيدين في مجتمع كل ما فيه قاس من رفقاء السوء حتى شاشاتهم الصغيرة التي أصبحت تمجد البلطجي متعاطي المخدرات الذي يحضى بالتقدير قدوة لهم .
المدمن ليس مجرم بل ضحية أسرة أدمن أحد الوالدين فيها فانتج أبناءا مشوهين أو أبا أو أما استهتروا بدورهم داخل الأسرة و أغدقوا المال الوفير طنا منهم،أنها الطريقة المثلى لحبهم .
أبناؤكم ليسوا ملكا لكم بل مشاريع متنقلة أما أن يكون طبيبا مداويا أو مهندسا ناجحا أو معلما يحمل النجاح بيده أو قنابل موقوتة تحصد خريفها قبل الربيع .