فعلها المغاربة ؛ قبضوا على جمر حلمهم ؛ حصروا أنفسهم في نصف ملعبهم ووقفوا امام مرماهم كجنود على الحدود امام حشود العدو …. وفعلوها … وتأهلوا الى ربع نهائي كأس العالم… ليحجزوا مقعدهم بالعنوان العريض : بين كبار العالم الثمانية !
كنت قد كتبتُ مقالاً هنا على صفحات خبرني بداية الشهر الماضي عنوانه (( قطر وكأسنا )) وكنت اقصد ان قطر استطاعت ان تجعل من هذه الدورة من كأس العالم بوابة التعريف بالعرب وثقافتهم ؛ ليفاجئنا أسود الاطلسي بأدائهم الاسطوري في دور المجموعات ؛ ويجعلوا الفرح العربي في أوجه بالتأهل للدور الثاني!
لم تكتفِ كتيبة الأسود بذلك الانجاز الذي عمّ البلاد العربية كلها ؛ وقالها مدربهم ليلة مباراة اسبانيا : يحق لنا ان نحلم … لم يبقوه حلماً فقط بل حولوه الى حقيقة وفعلوها اول مرة في تاريخهم ولأول مرة في تاريخ العرب : نحن بين الثمانية الكبار!
ما حصل لم يكن معجزة بقدر ما كان إيمانٌ وتصميمٌ وصبرٌ وتدريب … ولا ننسى أهمية التوفيق الرباني في لحظاتٍ توقفت فيها قلوبنا عن النبض… ولنا في إيمان المغاربة بمدرب مغربي عنوانٌ عريضٌ في حجم الكفاءات التي تثري وطننا العربي الكبير ونحن عنها غافلون!
لحظة انتهاء المباراة تمنيت لو ان لي جاراً مغربياً … أعانقه ويرى دموع فرحي ؛ أشعر بتسارع دقات قلبه ويشعر بتوقف قلبي تماماً بسبب الفرح ؛ تابعتُ على كل القنوات هذه الفرحة التي عمّت في كل البلاد العربية … في عمان ودمشق والخرطوم وقطر والجزائر والسعودية ومصر واليمن ولبنان وفي مسقط والبحرين وتونس والكويت وفي بغداد وليبيا !
ليست اللغة فقط هي التي توحدنا ؛ وليست الثقافة المشتركة والهوية الجامعة التي من السهل ان تجمعنا اذا صدقت النوايا : فريق الأسود جمع العرب على الأمل ؛ جمعهم بالفرح ؛ جمعهم بالإنجاز ؛ جمع العرب بفخر النجاح ….
فرحتنا نابعة حتماً بما قدمه نجوم الفريق الذين جعلوا الشمس تشرق اليوم من المغرب؛ شمسٌ كنا نحتاجها ان تشرق بالطموح وكسر خيبات الامل وتعويض تراجعنا الذي عم البلاد العربية ….الدموع التي ذرفتها امهاتنا فرحاً كان سببها الحقيقي هو شعورنا بالقدرة على الفعل والتأثير والانجاز …. وهذا حقاً ما نحتاج اليه لبث روح الأمل في شباب أمة العرب!
أسود العرب المغاربة بثت في روحنا البهجة وفي قلوبنا الأمل ورسمت على وجوهنا ضحكات؛ تناسينا كل مشاكلنا واسترقنا بسببهم وقتاً للفرح! فرحٌ عمّ الغني والفقير الصغير والكبير …. حتى الأمير … فقفزة الامير تميم امير قطر لحظة فوز المغرب لم تكن قفزة زعيم الدولة المُضيّفة بقدر ما كانت فرحة رجل عربي عاديّ عفوي بلحظة امل تحلم فيها الامة بتحقيق الانجاز!
مبروك لأسود العرب … وشكراً لأسود الاطلسي وأبطال ساحل المتوسط كله …. ويحق لنا ان نحلم أكثر وننتظر مباراتكم القادمة بنفس القدر من الايمان والثبات والجاهزية والتصميم والله الموفق!