تعددت أقوال الفقهاء في عدد سجدات التلاوة الواردة في القرآن الكريم، وبيان اختلافهم فيما يأتي:
الجمهور: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى أنّ عدد سجدات التلاوة الواردة في القرآن الكريم هي أربع عشرة سجدة.
المالكية: ذهب المالكيّة إلى أنّ عدد سجدات التلاوة في القرآن الكريم هي إحدى عشرة سجدة.
عدد السجدات المُتَّفَق عليها
اتّفق الفقهاء على عشرة مواضع لسجود التلاوة في القرآن الكريم، وهي:
الآية الأخيرة من سورة الأعراف.
الآية الخامسة عشرة من سورة الرعد.
الآية الخمسون من سورة النحل.
الآية التاسعة بعد المئة من سورة الإسراء.
الآية الثامنة والخمسون من سورة مريم.
الآية الثامنة عشرة من سورة الحجّ.
الآية السابعة والعشرين من سورة النمل.
الآية الخامسة عشرة من سورة السجدة.
الآية الستّين من سورة الفُرقان.
الآية الثامنة والثلاثين من سورة فُصِّلت.
السجدات المُختلَف فيها
تعددت أقوال الفقهاء في عدد من مواضع سجود التلاوة الواردة في القرآن الكريم على النحو الآتي:
السجدة الثانية في سورة الحجّ
ذهب فقهاء الحنفيّة، والمالكيّة، في المشهور إلى أنّ (سورة الحجّ) فيها سجدة واحدة في بداية السورة، أمّا المَوضع الثاني في آخر السورة فليس سجدة؛ لِما رُوِي من أنّ ابن عباس، والنخعي- رضي الله عنهما قالا إنّه ليس في سورة الحجّ إلا سجدة واحدة هي الأولى، والثانية سجدة الصلاة.
وذهب الفقهاء من الشافعية، والحنابلة إلى أنّ سورة الحجّ فيها موضعان للسجود؛ أوّلهما في بداية السورة، والثاني في نهايتها؛ وذلك لِما ورد عن عقبة بن عامر- رضي الله عنه- أنّه قال: (قلتُ: يا رسولَ اللهِ ! فُضِّلَتْ سورةُ الحَجِّ بأن فيها سجدتين ؟ قال : نعم، ومَن لم يَسْجُدْهما فلا يَقْرَأْهما)
سجدة سورة ص
ذهب فقهاء الحنفية، والمالكية إلى اعتبار آية السجود الواردة في (سورة ص)، في قوله -تعالى-: (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ*فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ)،من سجدات التلاوة؛ لأنّ الله -تعالى- جعل المَغفرة جزاءً للسجود؛ فتقديم السبب على المُسبَّب يدلّ على العمل بالسجود الوارد في الآية.
وذهب الفقهاء من الشافعية، والحنابل إلى اعتبار السجود الوارد في (سورة ص) من سجود الشُّكر الذي لا يسجده المُصلّي إذا قرأه خلال صلاته، وإنّما يسجده إذا قرأه خارج الصلاة؛ وذلك لِما ورد عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ص ليسَ مِن عَزَائِمِ السُّجُودِ، وقدْ رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا).
سجدات المفصل
تعددت أقوال الفقهاء في سجدات التلاوة الثلاثة الواردة في (حِزب المُفصل)؛ وهي في آخر سورة النجم، وسورة الانشقاق، وسورة العلق؛ فذهب المالكيّة إلى عدم اعتبار آيات السجود الواردة في حزب المُفصل من سجدات التلاوة؛ وذلك لإجماع فقهاء المدينة، وقُرّائها على تَرك السجود فيها.
أمّا فقهاء الحنفية، والشافعية، والحنابلة، فقد ذهبوا إلى اعتبار آيات السجود الواردة في حزب المفصل من سجدات التلاوة؛ وذلك لِما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- في سورة النجم أنّه قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَجَدَ بالنَّجْمِ، وسَجَدَ معهُ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ والجِنُّ والإِنْسُ)،وما ورد عن أبي هريرة- رضي الله عنه- في سورتَي الانشقاق، والعلق، أنّه قال: (سَجَدْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و{اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ}). وهذا دليلٌ على صحّة اعتبار آيات السجود الواردة في المفصل.
سجود التلاوة وفضله
سجود التلاوة هو: السجود الذي يُؤدّيه المسلم عند تلاوته، أو سماعه لآية من آيات السجود في القرآن الكريم؛ سواء كان ذلك داخل الصلاة، أو خارجها، وقد بيّن النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- فضل سجود التلاوة، وأنّه سببٌ لدخول الجنّة في الحديث الذي ورد عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم-، إذ قال: (إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلَهُ، وفي رِوايَةِ أبِي كُرَيْبٍ: يا ويْلِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ، وفي رواية: فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ).
وقد اتّفق العلماء على مشروعيّة سجود التلاوة، وذهب الإمام أبو حنيفة، وأحمد في رواية، وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنّ سجود التلاوة واجب، وذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أنّ سجود التلاوة مُستحَبّ، وليس واجباً.