روى أبو أمامة الباهلي -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (صَنائعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، وصدَقةُ السِّرِّ تُطفئُ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمُرِ).
وفي الرواية الأخرى من الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (صَنائِعُ المَعْرُوفُ تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ والآفَاتِ والهلكَاتِ، و أهلُ المعروفِ في الدنيا هُمْ أهلُ المعروفِ في الآخرةِ).
معنى صنائع المعروف ومصارع السوء
يأتي مصطلح صنائع المعروف ليشمل كل ما يمكن أن يقوم به المسلم من الطاعات المختلفة التي يكون من شأنها أن ينال رضا الله -تعالى-، ويكون محسناً مع الخلق من حوله.
وطالما كان الإنسان قادراً على تقديم المعروف والقيام به فليعجّل في ذلك، خوفاً من أن يفوته فيورثه ندماً لا يمكنه العودة فيه، فمن أتته الفرصة وأضاعها في وقتها فقد فاتته.
ويُقصد بمصارع السوء؛ أيّ ميتة السوء، فمن كان حريصاً على تقديم المعروف والإحسان للآخر من برّ الوالدين، والصدقة، وصلة الرحم، وإعانة المحتاج، وغيرها، عافاه الله من ميتة السوء.
وقد استعاذ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من ميتة الهدم، والتّردي، والغرق، والحرق، وأن يُقتل في أرض المعركة مدبراً مولياً، ثمّ فسّر بعض العلماء مصرع السوء بالموت فجأة، أو الموت على مرأى الناس؛ كمن يموت مصلوباً.
أمثلة على صنائع المعروف
ذكرت سيدتنا خديجة -رضيَ الله عنها- لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعض ما يحسن فيه إلى الخلق، فقالت: (أبْشِرْ فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، فَوَاللَّهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ).
وقد جاء عن رسول الله العديد من الأحاديث المتضمّنة للكثير من أشكال المعروف التي يقوم بها المسلم، فتكون سبباً للوقاية من مصرع السوء، ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:
إعانة الآخر، والتيسير على المسلمين وسترهم وقضاء حوائج الناس والسعي في خدمتهم، وبذل المعروف والإحسان إليهم، فعن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).
الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإزالة الأذى عن الطريق، ودلالة الأعمى، وتقديم المساعدة للأصمّ والأبكم، والإرشاد إلى الطريق
وذلك لحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي بيّن فيه أنّ كل ذلك يعدّ من صدقة المسلم عن نفسه، فقال: (ويأمُرُ بالمعروفِ، وينْهى عنِ المنكَرِ، ويَعزِلُ الشَّوكَ عن طريقِ الناسِ، والعظْمَ والحجَرَ، وتَهدِي الأعْمَى، وتُسمِعُ الأصَمَّ والأبْكمَ حتى يَفقَهَ، وتُدِلُّ المستدِلَّ على حاجةٍ لهُ قدْ علِمتَ مكانَها، وتَسعَى بِشدَّةِ ساقَيْكَ إلى اللَّهْفَانِ المستغيثِ، وترفعُ بشِدَّةِ ذِراعيْكَ مع الضعيفِ)