نجحت دول أفريقية مثل غانا وليبيربا وكينيا وغيرها من بلدان القارة السمراء في زيادة حصتها من السياح الأميركيين والأوروبيون الذين تعود أصولهم إلى البلدان الأفريقية؛ حيث شكلت المتحدرين من أصول أفريقية نحو 56 في المئة من مجمل السياح الذين زاروا القارة في العام 2022 والذين بلغ عددهم الإجمالي نحو 45 مليون سائح.
ويبلغ عدد الأميركيين من أصول أفريقية حاليا نحو 42 مليون نسمة يشكلون 12,4 من مجمل سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم نحو 330 مليون نسمةـ، كما يشكلون نحو 6 في المئة من مجمل سكان أوروبا البالغ عددهم 760 مليون نسمة.
ومن أجل جذب أكبر عدد من السياح ذوي الأصول الأفريقية استحدث عدد من البلدان الأفريقية استراتيجيات جديدة تركز أكثر على الجوانب التي تذكر السياح بماضي أجدادهم.
العودة إلى الجذور
وفي عام 2019، أطلقت غانا حملة سياحية تسمى "العودة إلى الجذور"، وذلك بمناسبة مرور 400 عام على وصول أول أفارقة مستعبدين إلى شواطئ الولايات المتحدة من غرب أفريقيا.
واختارت هيئة السياحة الغانية شعار "العودة إلى الجذور" لموسمها السياحي الذي انطلق في ديسمبر 2022، والذي اشتمل على عروض تراثية وثقافية وأطعمة محلية تقليدية، إضافة إلى زيارات للمواقع التاريخية القديمة التي تحكي عن عمليات تهجير الأفارقة إلى أوروبا وأميركا في القرون الأربعة الماضية.
ووفقا لفرانسيس أووني مدير عام شركة أوني للسياحة في العاصمة الغانية أكرا، فإن الاستراتيجيات الجديدة ساعدت كثيرا في جذب إعداد أكبر من السياح الأوروبيين والاميركيين ذوي الأصول الأفريقية، مشيرا إلى أن ذلك لا يسهم فقط في تعزيز الاقتصاد الغاني بل أيضا في ترسيخ مبدأ الارتباط بوطن الجدود ومعرفة عاداته وتقاليده وتراثه.
وأوضح أووني في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن غانا ومعظم البلدان الأفريقية التي شهدت هجرة قسرية أو طوعية للسكان الأفارقة إلى الولايات المتحدة وأوروبا تمتلك مقومات وبرامج سياحية عالية ومثيرة لاهتمام السياح المتحدرين من أصول أفريقية.
وأضاف "في الغالب ينبهر السياح بما يشاهدونه هنا في قارة أجدادهم التي ارتبطت في أذهانهم بالحروب والجوع والفقر؛ إذ يجدون واقعا تراثيا وثقافيا مختلفا".
ويقول أووني إنه يشعر بالفخر عندما يقدم الحزم السياحية للأوربيين الأميركيين والعرب الراغبين في زيارة أفريقيا؛ لكنه يكون فخورا أكثر عندما يطلب تلك الخدمة السياح المتحدرون من أصول أفريقية ويريدون استكشاف أرض وحضارة أجدادهم.
أما بالنسبة لأوليفر راند وهو أميركي تعود أصوله إلى إحدى القبائل الكينية؛ فلم يكن يعلم شيئا عن بلده وقارته الأم إلا بعد بلوغه الثالثة والثلاثين عندما أتيحت له في العام 2017 الفرصة لمرافقة فوج سياحي أميركي من ولاية فلوريدا، ومنذ ذلك الوقت زار 5 بلدان في القارة في أوقات مختلفة.
ويقول راند إنه بات ينتظر عطلات نهاية العام ليحزم حقائبه إلى أفريقيا التي يقول إنها وفرت له دروس في التاريخ والثقافة التي جعلته يشعر بأنه جزء من تلك القارة.
ويشير راند إلى الشعور الغربب الذي ينتاب السائح المتحدر من أصول أفريقية عندما يقف داخل القلاع القديمة المنتشرة في السنغال وغانا وغامبيا والتي كانت تستخدم لتهجير الأجداد، أو يشاهد برامج فلكلورية تعكس واقع حضارته الأم.
ويتوقع راند أن تشهد السنوات المقبلة مزيدا من النمو في سياحة العودة إلى الجذور وتجتذب أجيالا جديدة تواقة لمعرفة أصل حضارة أجدادهم.
أوباما في "أرض الأجداد"
3+
فرص استثمارية
وفي الجانب الآخر، يتيح قطاع السياحة فرص استثمارية كببرة للمهاجرين الأفارقة، إذ تحقق البلدان الأفريقية عوائد ضخمة من السياحة.
ومن المتوقع ان تبلغ عائدات السياحة في أفريقيا في العام 2023 نحو 200 مليار دولار؛ مما يتيح ضخ استثمارات جديدة تقدر بأكثر من 20 مليار دولار.
ووفقا لمنظمة السياحة العالمية، فقد اصبحت السياحة على مدار العشرين عامًا الماضية عنصرا حيويا للاقتصادات الأفريقية، واستحوذت في 2019 على 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للقارة السمراء، حيث بلغت مساهمتها بنحو 169 مليار دولار.
ومن المؤمل أن تعطي الاستثمارات الجديدة دفعة قوية للقطاع الذي تعرض لهزة كبيرة خلال عامي 2020 و2021؛ بسبب جائحة كوفيد - 19، حيث فقد قرابة نصف الوظائف المسجلة في 2019 والتي بلغت 24 مليون وظيفة.
وفي يوليو 2020، قدر الاتحاد الأفريقي أن إفريقيا خسرت ما يقرب من 55 مليار دولار من عائدات السفر والسياحة، ومليوني وظيفة خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من تفشي الوباء.