بكل ارتياح تابعنا تصريحات ايجابية لمحافظ البنك المركزي الأردني الدكتور عادل شركس، الذي أكد في ندوة اقتصادية عقدت مؤخراً أن سعر الدينار ثابت ومستقر ولا خوف عليه من أية تقلبات، وأن موجودات البنوك تبلغ حوالي 42 مليار دينار، مبيناً أن الودائع زادت حوالي 2.4 مليار جراء رفع أسعار الفائدة، كما بين أن حجم الإحتياطي الأجنبي من العملات والذهب بلغ حوالي 18.6 مليار دولار، وهذه كلها مؤشرات ايجابية ومطمئنة فيما يخص الاستقرار المالي والنقدي، وبالتالي استقرار الوضع الاقتصادي إلى حد كبير.
وفي الوقت نفسه، حذر المحافظ من موضوع تأجيل الأقساط الذي يطالب به العديد من المواطنين، مبيناً أن تأجيل أقساط البنوك مطلب شعبي لكنه غير صحي، ويرفع كلفة القرض على المقترض، وأن كل تأجيل حصل على الأقساط كلفته تقدر بحوالي 200 إلى 240 مليون دينار، وبالتالي فإن الاعتقاد بأن تأجيل القروض يخلق سيولة هو خاطئ، وهو ما ذهب لوصفه بالقول: انها سيولة خادعة ووهمية.
وقد جاء توضيح المحافظ بشكل مباشر وجريء (تأجيل الأقساط البنكية رتب على المقترضين التزامات وتراكمات، منها ارتفاع كلفة القرض وإطالة عمر السداد)، ونحن نؤيد ما ذهب إليه المحافظ، ونؤكد أن تأجيل القروض ليس بمصلحة أحد غير البنوك التي حققت أرباحاً إضافية طائلة جراء تأجيل القروض خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خصوصاً أن أسعار الفائدة ارتفعت 8 مرات منذ صيف 2022، وهو ما انعكس على حجم الفوائد التي يتحملها المقترض بشكل واضح، فنسبة الفائدة تزيد ومدة القرض تزيد والفوائد المترتبة على ذلك تزيد أيضاً.
ونحن لا بد أن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد ونحذر المقترضين من المطالبة الدائمة بتأجيل الأقساط لسبب أو لأخر، لأن ذلك سينعكس عليهم سلبياً بكل الأحوال، فأي يقرض يؤجل اليوم يرحل لأخر القرض بفائدة أعلى في الغالب وبحجم فوائد أعلى أيضاً، رغم أن البنوك حالياً لديها فائض كبير بالنقد وتسعى لتقديم القروض لمختلف القطاعات والأفراد، لتمويل السيارات والعقارات والتجارة والصناعة وغيرها، ولكن بفوائد غير مسبوقة وشروط وضمانات مشددة.
المحافظ تناول أيضاً موضوع أسعار الفائدة مشيراً إلى أن اللجوء للرفع مرتبط بقرار البنك الفيدرالي الأمريكي برفعها، ويأتي للحفاظ على جاذبية الدينار الأردني أمام الدولار، إذ أن قرار تثبيت سعر الدينار أمام الدولار المتخذ منذ عام 1995 ما زال يخدم الاقتصاد الأردني، مشدداً على أن القناعة تقول: إنه لا يوجد أي سلاح يدافع عن سعر الصرف إلا أسعار الفائدة.
التطمينات التي أطلقها المحافظ حول استقرار الدينار الأردني، وتوفر احتياطيات ممتازة لدى البنك المركزي، وارتفاع ودائع البنوك بشكل عام، كلها مؤشرات وتطمينات ايجابية، بينما جاء تحذيره من الضرر الذي يتحمله المواطن نتيجة تأجيل القروض ليدق ناقوس الخطر بأن التأجيل يحمل المقترض أعباء جديدة وليس من مصحلته المطالبة بذلك، وهذا ما نؤيده ونؤكد عليه وننصح بالابتعاد عنه تماماً.