2024-11-30 - السبت
روسيا .. تطوير أول جهاز ليزر تيراهيرتز كمي متتالي nayrouz الشيخ عبدالله الزلابية: رجل الإصلاح ومنبع الأخلاق الأردنية الأصيلة nayrouz "وتر حساس" يثير جدلا في مصر nayrouz الصايغ يرعى حفل إضاءة شجرة عيد الميلاد في الفحيص nayrouz تأهب أمني عراقي على حدود سوريا nayrouz للمرة الأولى منذ 2016 .. غارات جوية على حلب nayrouz بالأسماء .. فصل التيار الكهربائي لأكثر من 6 ساعات عن مناطق في الأردن nayrouz برؤية ملكية طموحة: الدكتور نزار مهيدات يعزز دور مؤسسة الغذاء والدواء الأردنية nayrouz "غازي الطيب يثني على إنجازات الجيش ويُبرز دور الحنيطي في تحقيق رؤية القائد " nayrouz وفد من حماس يتوجه إلى القاهرة لإجراء محادثات بشأن هدنة nayrouz لبنان .. 35 خرقًا إسرائيليًا لوقف إطلاق النار في يومين nayrouz عمان الأهلية تُعزّز دورها في الرّيادة والإبتكار الشبابي nayrouz تريندز" يختتم مشاركة ناجحة في كونغرس الإعلام بتدشين كتاب الباحث الصغير nayrouz 10 شهداء في قصف للاحتلال على حي الشيخ رضوان شمال غرب غزة nayrouz وفاة العقيد المتقاعد اكرم عايد الشرايدة بعد صراع طويل مع المرض nayrouz الشيخ سلطان الجازي.. رمز عشائري بارز وإسهامات مؤثرة في دعم العشائر الأردنية nayrouz إغلاق مطار حلب وإلغاء جميع الرحلات nayrouz أكثر من 74 ألف زائر لـ مهرجان الزيتون في اليوم الاول والثاني nayrouz بهدفَيْ رونالدو.. النصر يعبر ضمك في الدوري السعودي nayrouz مواجهات نارية.. أبرز مباريات الدوري السعودي... تفاصيل nayrouz
وفيات الأردن اليوم السبت 30-11-2024 nayrouz وفاة الحاج مصباح المحيسن nayrouz حسين الطوال المخزومي بني خالد في ذمة الله nayrouz الخالدي يُعزّي وزير الزراعة بوفاة شقيقه nayrouz وفاة فيصل فرحان الشموط اثر حادث سير مؤسف nayrouz وفاة الحاج الشيخ محمد بديع عبدالدايم القرامسه " ابو فارس" nayrouz وفيات الأردن اليوم الجمعة 29-11-2024 nayrouz مُدير التربيةِ والتعليمِ للواء الكورة ينعى وَالِــدُ الزَّميل عمار راضي شرادقه nayrouz ابراهيم عبدالله الرواضيه "ابو معاذ " في ذمة الله nayrouz العقيد الركن م علي عطا الكعابنة ينعي المقدم حمدان الغرايبة nayrouz العميد جميل الجريري ينعى عديله محمد محمود nayrouz الموت يُفــجع الفنان الأردني أحمد الدهشان nayrouz الجبور يعزي الدكتور تحسين الشرادقة بوفاة عمه nayrouz وفيات الأردن اليوم الخميس 28-11-2024 nayrouz وفاة طبيبين أردنيين - أسماء nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 27-11-2024 nayrouz الحاج حسين موسى البيايضة في ذمة الله nayrouz الحماد يعزي القضاه بوفاة الحاج الأستاذ أحمد الخطيب nayrouz شقيق وزير الزراعة في ذمة الله nayrouz وفاة الشاب نعيم موسى شحاده الحنيفات " ابو عمر " nayrouz

"بصمات في الصحافة الاعتقالية .. تجربة إعلامية خلف القضبان" للأسير المحرَّر أبو وردة

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

 قراءة سليم النجار- أمين عبد العزيز أبو وردة، مواليد مخيم بلاطة عام ١٩٦٦، تعود أصول عائلته إلى بلدة المويلح قضاء يافا،
حاصل على الماجستير في التنمية والتخطيط السياسي من كلية الدراسات العليا- جامعة النجاح الوطنية ٢٠٨٨ برسالة عنوانها "أثر المواقع الإلكترونية الإخبارية الفلسطينية على التوجُّه والانتماء السياسي- طلبة جامعة النجاح نموذجاً (٢٠٠٠- ٢٠٠٨)".

تعرَّض للاعتقال مرَّتين، الأولى عام ١٩٨٨ وقضى فيها ستة أشهر، والثانية عام ٢٠١٣ وقضى فيها عشرة أشهر اعتقالا إدارياً.

صدر له عِدَّة مؤلفات منها:
-العامل الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
-سلسلة أولست انسا- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات- بيروت- ٢٠١١.

لكل كاتب تقاليده الخاصَّة عندما يراود الكلمات وينطوي في لجَّتِها ذاهلاً ماخوذاً ، فإذا العالم عالمه، دنيا خَلق وفتون.

السؤال هنا: كيف كتب الصحافي الأسير أمين أبو وردة كتابه "بصمات في الصحافة الاعتقالية- تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر" الصادر عن المكتبة الشعبية- ناشرون- نابلس- ٢٠١٣؟ تُرى أكتب وهو يتمشَّى في الزنزانة جيئةً وذهاباً، أم وهو يدخِّن سيجارة، مبتسماً ربَّما؛ أم ظلَّ يكتب وهو يتمشَّى ويدخِّن ويبتسم! رُبَّما أيضاً.

إنَّ الإجابة على السؤال السابق مُجرَّد تخييل، تتجاوز فنَّ تركيب الكلمات نحو تركيب العرض الفرجوي، ليصبح نصَّ السؤال المنطوق عنصراً منسجماً مع ما يقوله أمين أبو وردة: (مَرَّت إجراءات النقل بسرعة، حيث تسلَّمتُ ملابس التوقُّف وارتديتها، ثم صعدت إلى مركبةٍ من نوع فورد ، مُخصَّصة لنقل المعتقلين، وهي تابعة لشركة إسرائيلية خاصَّة بالشرطة، ويُطلقُ عليها اسم "نخشون" ، وركبت بداخلها مكبَّل اليدين والرجلين، لكن بدون عصب العينين ص٦٠).

يمكن القول بأنَّ أهم مستوى يمكن التركيز عليه هو البحث عن مقاصد هذا المشهد الدراميِّ بسؤال ما هو المصير؟ قد تبدو تركيبَ كلماتٍ لتشكيلِ نصٍ للتعليق على هذا المشهد يدعو للبلاهة، فأيُّ مصيرٍ ينتظرُ مُعتَقلاً من قِبل المحتَّل الإسرائيلي بالتأكيد مصيرٌ سوداويٌّ يحمِلُ كلَ التوقعات، لكن رغمَ بلاهةِ السؤال، إلَّا أنَّه يبقى حاضراً في الوعي المُضمر للمتلقِّي لا لشيءٍ إلَّا من باب الفضول، الذي يدفع إلى رؤية الموضوع- أي موضوع الاعتقال- بأنَّه أمرٌ عاديٌّ في ظلِّ وجود احتلال. لكنَّ قُدرة الكاتب تجعل الأمر غير عادي، فأمين أبو وردة رسم فضاء الزنزانة على الشكل الآتي: (إنَّ الناظرَ لطبيعةِ البناء الهندسيِّ لأقسامِ السجون الإسرائيلية، يُدركُ أنَّ هذا الشكل ليس عفويَّاً، وإنَّما مقصوداً، حيث يقصدُ منه قتل نفسيَّة ومعنويَّات الأسير الفلسطيني، أكثر من كونها شكلاً أمنيَّاً مصمَّماً لمنع هروبه ص١١٨).

من هنا أراد الكاتب الكشف عن طبيعة المعتقلات الإسرائيلية من خلال صراعها مع كلِّ ما هو إنسانيٌّ معارضٌ لعنفعهم وتجبُّرهم، والمتناقض مع تعبيرهم وأساليب تعاملهم مع الإنسان الفلسطيني، لذا اكتسب الأسرى الفلسطنيون مساحاتٍ من الحريَّة وفرضوا كيانهم وحضورهم في كثير من الأحيان على السجَّان الإسرائيلي، لكن إلى أيِّ حدٍّ يمكن لهذه الفضاءات من الحريَّة التي صنعها الأسير الفلسطيني من رحم المعتقل الإسرائيلي؟ أبو وردة يشتقُّ من هذه المعطيات مساراً مغايراً يحمل في ثناياه إجابة، أنَّ للحريَّة ثمنها، ليدلِّل على فداحةِ هذه التضحيات ويصوِّر لنا هذا المشهد الدراميِّ: (يُخيَّل للأسير القابع في سجن مجدُّو شمال فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ أنَّ حارات وعوائل مخيم بلاطة قد انتقلت الى أقسامه العشرة، فأينما انتقلت في جنباته تشعر كأنَّك تعيش فيه، بكل مكنوناته وخلجاته اليومية. مزحاتهم وألقابهم ورائحة طبيخهم في زوايا غرفهم وخيامهم، تشعرك كأنَّك تعيش أجواءه النكبويَّة واللجوئيَّة..ص١٣).

إنَّ نسمات الحريَّة في سماء فلسطين هي حتميَّة ومصيريَّة من أجل ترسيم فكرة تاريخيَّة خالدة، وليست عابرة في أوراق الكتب، أنَّ فلسطين عربيَّة، وليست حادثة تاريخيَّة يُعلِّق عليها المؤرِّخين، غير أنَّ هذه الفضاءات لا بُدَّ من أن تكون لها أساس، كما سرد أبو وردة: (لم تعد حكاية الأشقاء الأسرى الثلاثة من عائلة بني جابر- التي تقطن بلدة عقربا شرقي نابلس والقابعين في سجن مجدُّو- غريبة على جموع الأسرى لأنَّها أضحت السِمة البارزة لكل أحداث البلدة في صراعها مع المستوطنين، خاصَّةً عندما يتم تناولها عبر شاشة التلفزيون الذي يُسمَح بمشاهدته داخل السجن. البساطة تظهر في أحاديث هؤلاء الشبَّان كونهم جميعاً يعملون في مجال رعي المواشي وبعيدين عن الأمور السياسيَّة، لكنَّ قَدَرَهم جعلهم يعيشون محنة الأسر ص١٥٦).

وبما أنَّ السجن الإسرائيلي أصبح مدرسةً ثقافيَّةً ومعرفيَّةً على يدِ الأسير الفلسطيني، وتراثاً نضالياً، فقد وصف أبو وردة هذه المدرسة على الشكل الآتي: (أينما التفتَّ في أقسامِ سجونِ الاحتلال الإسرائيلي، لا بُدَّ أن تلتقي بالعشرات من الطلبة الجامعيين الأسرى، مِّما يُظهِر استهداف الاحتلال لهذه الفئة في العقدين الآخرين، وفي سجن عوفر وكغيره من السجون، تَبرُزُ تلك المشاهدات لتعطي انطباعاً بأنَّها فروعٌ لبعضِ الجامعات، من كثرة الطلبة الجامعيين القابعين في الأسر ص١٨٢).

يُصوِّر لنا أبو وردة هذا المشهد كفنانٍ تشكيليٍّ يرسمُ صورته بلونٍ أصفر، إذا جاز لي التعبير عن هذا التوظيف- فهذا اللون هو لونٌ مستفزٌّ لكل الحواسِّ البصرية- فأبدع أبو وردة بتوظيفِ هذا اللون بقوله: (أمَّا المكوث داخل السجن والمعتقل، فهو وإن اختلف في بعض الأشكال السابقة، فإنَّه يتَّسم بالتحكُّم في حياة الأسير، عبر أشكال العدِّ والفحص اليوميَّة داخل الغرف وتحديد ساعات الفورة وضبط توقيتها، مِّما يجعل الأسير محكوما بالوقت الممنوح له رؤية الشمس بالتحرُّر من قيد جدران الغرفة ص١٩). تمكَّنَ أبو وردة في هذا الوصف من توظيف تقنيات التذكُّر للخروج من حدودِ القيد إلى فضاءِ الحريَّة، ولا شكَّ أنَّ عمليَّة التحويل تتطلَّب تدريباتٍ نفسيَّةٍ شاقَّة، قد تؤدِّي إلى تلاشي الوجعِ الإنسانيِّ والدخول في مرحلة التحرُّر الذي يجعله حَبساً مرئيَّاً، أي الجسد الذي يتفجَّر لذكرياتٍ وأحلامٍ وأحداثٍ يوميَّة، ليُعِيدَ اكتشاف العالم عبر سرد تجربته الاعتقاليَّة التي سطَّرها بمشهدٍ استذكاري: (فعلى مدارِ زهاء عشرة أشهر من الاعتقال كانت الذاكرة تختزل كل الوقائع، والقلم يسجِّل الملاحظات ويكتب أولاً بأوَّل حتَّى تمَّ إخراج جميع ما كتب إلى خارج أسوار السجن بعناءٍ ومخاطرةٍ كبيرين، ليبدأ مشروع الكتاب المطبوع والجامع للتجربة قد اكتمل داخل أسوار السجن ص٥٨).

ويبقى السؤال الحاضر : هل سيأتي اليوم الذي تكون هذه التجارب الإبداعية للأسرى الفلسطنيين، التي كُتبت وأُبدعت داخل المعتقلات الإسرائيلية، جزءً من الثقافة العربيَّة؟، هذا الأمر متروكٌ للتاريخ.